له: " بأبي أنت وأمي، يا ابن رسول الله، وما أعجلك عن الحج؟، فقال: لو لم أعجل لأخذت ". وهذا كلام واضح لا لبس فيه ولا التواء. ثم سأله أبو عبد الله عن الناس فقال: " قلوبهم معك وأسيافهم عليك والأمر ينزل من السماء والله يفعل ما يشاء ". فقال عليه السلام:
" صدقت، لله الأمر وكل يوم هو في شأن، فإن نزل القضاء بما نحب ونرضى فنحمد الله على نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر، وإن حال القضاء دون الرجاء فلم يعبد من كان الحق نيته والتقوى سريرته " (1).
ويبقى أخذ الحسين لنسائه وبنات النبوة والرسالة موضعا للاستفهام والتساؤل الناشئ من قلة فهمنا وإدراكنا لوظيفة أهل البيت وطبيعة مهمتهم في حفظ الرسالة الإسلامية، فها هو التاريخ يحكي لنا بعض نماذج الزهادة لأشخاص خالفوا نهج أهل البيت عليه السلام بل وحاربوه، ويصعب علينا تحقيق كل هذه الروايات إثباتا أو نفيا، ولكن التاريخ البشري كله لم يحدثنا عن قائد يحمل أمانة الحفاظ على منهج يحمل معه كل هذا الكم من القرابين من أهل بيته الطاهرين ومن فلذات كبده بل وحتى نساءه وحرماته. التاريخ يحكي لنا آلاف النماذج عن قتلى وشهداء من أجل فكرة أو مذهب، لكن لم يحك لنا عن النموذج الحسيني لقافلة تحمل حرمات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبنات الرسالة يؤدين واجبهن في التضحية والفداء.