ثم تلا (وكان أمر الله قدرا مقدورا) (الأحزاب / 38). لقد كان الحسين، عليه السلام، طالب حق وشهادة لا طالب إمارة كما عنون ابن كثير في تاريخه قائلا: " خروج الحسين طالبا للإمارة ".
والحق أعلى وأجل من الإمرة وإن كل ما رويناه يخبرنا أن خروج الحسين لم يكن متوقفا على إرادة الجماهير ومطالبتها له، بل كان ناشئا عن الأمر الإلهي، إنه الأمر نفسه الذي بعث بمقتضاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للناس بشيرا ونذيرا، وبعهد من رسول الله كانت الوصية والإمامة في آل بيت النبوة، وبعهد من الله ورسوله إلى أئمة آل البيت سواء الذين تحركوا أم من لم يتحرك، كانت حركاتهم وسكناتهم، كان الحق غايتهم وكانت بلورة وتحديد معاملة هي مهمتهم سلام الله عليهم ولذا كانت الأمة يومها وإلى يومنا هذا في حاجة إلى تلك الحركة الحسينية ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيا بقي عن بينة، ولم يكن الحسين عليه السلام بحاجة إلى حركة الأمة بل كانت الأمة هي المحتاجة، ولذا حمل الحسين عليه السلام النساء والأطفال حتى تكون الجريمة الأموية كاملة وحتى يحمل الرضوان الوزر الكامل من يومها إلى يومنا هذا (وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) (العنكبوت / 13).
وهكذا استكملت الحركة الحسينية معالمها وبنو أمية يحاولون الحيلولة بين الحسين عليه السلام وبين اختياره لموقع المواجهة، فلما أحس والي مكة أن الحسين قد خرج بعث إليه كتابا بالأمان حمله عبد الله بن جعفر ويحيى بن سعيد يمنية بالأمان والصلة والبر وحسن الجوار ويعيذه من الشقاق والخلاف والهلاك، فرد عليه السلام بقوله: " أما