ويتمنى له النصر أم من أولئك الذين قدموا النصيحة لمجرد أداء الواجب. وهذه المشاورات على قصر مدتها تعكس حالة التصميم والتخطيط الواعي من قبل الإمام الحسين الذي كان يحمل على كاهله ما لو حملته الجبال لتد كد كت، وآخر هذه الأعباء سلامة ذلك الجسد الطاهر الذي هو قطعة من نور الرسول الأكرم طالما حملها المصطفى، صلى الله عليه وسلم، على عاتقه. ولكن الأولوية كانت حينئذ لحفظ الرين لا لحفظ الأرواح.
ها هو أبو عبد الله يستشير أخاه محمد بن الحنفية فيقول له أخوه:
" يا أخي، أنت أحب الناس ألي وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنح بتبعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم ابعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدت الله على ذلك، وأن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا يذهب به مروءتك ولا فضلك إني أخاف أن تدخل مصرا من هذه الأمصار، وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفسا وأبا وأما أضيعها دما وأذلها اطمأنت بك الدار فسبيل ذلك، وإن نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال، وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنظر إلى ما يصير أمر الناس وتعرف عند ذلك الرأي فإنك أصوب ما تكون رأيا وأحزمه عملا حين تستقبل الأمور استقبالا ولا تكون الأمور عليك أبدا أشكل منها حين