تنسف ما حاول بنوا أمية ترسيخه من صورة كهنوتية للإسلام تكرس فصل الدين عن الدولة فصلا عمليا منذ البداية، بل وتجعل من مفاهيم الدين خادمة لظلم الظالمين وجور السلاطين وتستفيد من مقالات بعض المتقاعصين الذين خدمهم الإسلام بأكثر مما خدموه.
إن بني أمية وأصحاب السلطة من بعدهم مهدوا في الإغداق على أفراد هذه الطبقة والإدناء لهم وأسماء صوتهم للناس، وكبت المخلصين في ولائهم لآل بيت محمد عليه السلام بدءا من أبي ذر الغفاري رضوان الله عليه ومرورا بحجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي حتى لا تصل إلى مسمع العالم إلا هذه الكلمات المشبوهة المنسوبة إلى أصحابها أو المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، داعية الناس للخنوع والخضوع بدعوى تجنيب الناس الوقوع في الفتنة، وتحاول أن تعطي الغاصبين شرعية يحلمون بها وتعطل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فها هو أبو عبد الله الحسين يؤكد على هذه الفريضة المعطلة ويرى أنها ضرورة لازمة لإقامة أحكام الدين، فيقول: إنها إذا أديت استقامت الفرائض جميعها هينها وصعبها، وتجنب المجتمع الوقوع في الظلم الذي هو رأس كل مصيبة تنزل بالناس، وهاهو عليه السلام ينبه إلى ضياع حقوق الضعفاء وينبه إلى أنهم أسلموا الضعفاء في يد الظلمة، فصار الناس ما بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشة مقهور.
ويلفت الأنظار إلى التوازن المفقود في المجتمع المسلم بين