ذلك فراركم من الموت وإعجابكم بالحياة التي هي مفارقتكم، فأسلمتم الضعفاء في أيديهم فما بين مستعبد مقهور وبين مستضعف على معيشة مغلوب، يتقلبون في الملك بآرائهم ويستشعرون الخزي بإهدائهم اقتداء بالأشرار وجرأة على الجبار، في كل بلد منهم على منبره خطيب يصقع فالأرض لهم شاغرة وأيديهم فيها مبسوطة والناس لهم خول لا يدفعون لامس، فمن بين جبار عنيد وذي سطوة على الضعيف شديد مطاع لا يعرف المبدي المعيد، فيا عجبا وما لي لا أعجب والأرض من غاش غشوم ومتصدق ظلوم وعامل على المؤمنين غفير رحيم، فالله الحاكم فيما فيه تنازعنا والقاضي بحكمه فيا شجر بيننا.
اللهم إنك تعلم أنه لم يكن ما كان منا تنافسا في سلطان ولا التماسا من فضول الحكام، ولكن لنري المعالم من دينك و نظهر الإصلاح في بلادك ويأمن المظلومون من عبادك ويعمل بفرائضك وسنتك في بلادك، فإنكم إن لم تنصرونا وتنصفونا قوي الظلمة عليكم وعملوا في إطفاء نور نبيكم، وحسبنا الله وعليه توكلنا وإليه أنبنا وإليه المصير " (1).
انظروا إلى هذه الخطبة العظيمة، في التمهيد، وإعداد الأرضية للثورة الحسينية. والخطبة التي سبقتها في ذكر فضائل أهل البيت وفضائله عليه السلام.
ما أحوجنا إلى استخراج هذه المعاني وشرحها وتأكيدها لأصحاب العقول الراجحة، إنها دستور ومنهج في فهم حقائق الإسلام