دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٧٧
الحلم فأسلم وعقل أمر الدين ورضيه فهو عندنا ممن صحب رسول الله ولو ساعة من نهار. ولكن أصحابه على طبقاتهم وتقدمهم في الإسلام (1)..
ويبدو من هذا التعريف العائم للصحابي أنه يخالف القرآن والعقل والعرف فقد حشد القرآن الكثير من النصوص التي تتحدث عن المنافقين والفاسقين وأصحاب الإفك والصحاب المسجد الضرار والأعراب وغيرهم. وجميع هؤلاء الذين ذمهم القرآن وحذر منهم يدخلون في عداد الصحابة من منظور الفقهاء (2)..
أما العقل والعرف فيصطدمان بهذا التعريف المائع للصحابي. فالصحبة لا تأخذ حكمها بمجرد الاحتكاك بين فرد وفرد لمدة دقائق..
وكذلك اللغة لا تقبل هذا التعريف دون أن تتحقق طول الملازمة..
قال القاضي أبو بكر: قد تقرر للأمة عرف أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته لا على من لقيه ساعة أو مشى معه خطا أو سمع منه حديثا فوجب لذلك أن لا يجري هذا الاسم إلا على من هذه حاله. ومع هذا فإن خبر الثقة الأمين عنه - أي عن الرسول - مقبول ومعمول به. وإن لم تطل صحبته ولا سمع منه إلا حديثا واحدا. ولو رد قوله إنه صحابي لرد خبره عن رسول الله (3)..
وقال الغزالي: لا يطلق اسم الصحبة إلا على من صحبه ثم يكفي في الاسم من حيث الوضع الصحبة ولو ساعة. ولكن العرف يخصصه بمن كثرت صحبته (4)..
ويقول ابن الأثير: أصحاب رسول الله (ص) على ما شرطوه كثيرون. فإن رسول الله شهد حنينا ومعه اثنا عشر ألفا سوى الأتباع والنساء. وجاء إليه هوازن مسلمين فاستنقذوا حريمهم وأولادهم. وترك مكة مملوءة ناسا. وكذلك المدينة أيضا. وكل من اجتاز به من قبائل العرب كانوا مسلمين. فهؤلاء كلهم لهم

(1) المرجع السابق..
(2) أنظر سورة التوبة. وانظر أبواب المنافقين في كتب السنن..
(3) أسد الغابة. المقدمة..
(4) المرجع السابق..
(١٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست