دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين - صالح الورداني - الصفحة ١٧٤
ويروى عن عائشة قالت: إنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار. فقال النبي (ص) " يا عائشة ما كان معكم لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو " (1)..
ويروى أن عائشة أنكحت ذات قرابة لها من الأنصار. فجاء الرسول (ص) فقال: " أهديتم الفتاة "؟ قالوا: نعم. قال: " أرسلتم معهما من يغني "؟ قالت: لا.
فقال الرسول: " إن الأنصار قوم فيهم غزل فلو بعثتم معهما من يقول: أتيناكم.
أتيناكم. فحيانا وحياكم " (2)..
وهذه الروايات تقودنا إلى ما أشرنا إليه سابقا من مسألة التناقض في الروايات المنسوبة للرسول. وأن هذا التناقض يقود إلى الشك فيها ويضع المسلم في موقف الحيرة كما هو حال الفقهاء الذين تضاربت اجتهاداتهم نتيجة لتضارب هذه الرويات. وإن كان أكثر الفقهاء قد أقاموا بإزالة هذا التناقض عن طريق التأويل والتبرير وادعاء النسخ وغير ذلك..
وكان فقهاء التحريم بموقفهم هذا يريدون تحريم الغناء لذاته وهذا موقف ضد الفطرة والعقل. إذ أن الغناء أمر مواكب لمسيرة الإنسان في كل زمان ومكان كل يغني بطريقته وبما يلائم عصره وظروفه ومتطلباته..
وقد كان الغناء عادة موجودة عند العرب وعندما جاء الإسلام أقرها وقام بتهذيبها وفق معطيات جديدة.
ويروى أن الصحابة كانوا يتغنون بالقرآن (3)..
وكان الغناء منتشرا في المدينة بين الرجال والنساء في عهد الرسول..
وإذا كانت هناك بعض المنكرات التي ارتبطت بالغناء والموسيقى في عصر ما بعد الرسول (ص) فإن هذا لا يدعو إلى تحريم الغناء وإنما يدعو إلى تصفية هذه المنكرات وإعادة الصورة النقية الخالية من الشوائب له..

(١) المرجع السابق كتاب النكاح. باب النسوة اللاتي يهدين المرأة إلى زوجها..
(٢) أنظر ابن ماجة باب إعلان النكاح والغناء والدف..
(٣) يروى ابن ماجة باب في حسن الصوت بالقرآن قول الرسول (ص) عن القرآن: " تغنوا به فمن لم يتغن به فليس منا ".. وانظر البخاري كتاب فضل القرآن. باب من لم يتغن بالقرآن. وانظر فتح الباري ح‍ 9..
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست