خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٥
إنما هي ضرب من الأساطير التي لا تتفق مع شخصيته، ولا مع طبيعة قومه بني عدي الذين وصفهم أبو سفيان بقوله الذي ذهب مثلا: " لا في العير ولا في النفير " (67)، وذلك حينما صادفهم راجعين من جيش المشركين الذي خاض معركة بدر فيما بعد، ولقد تبين لي بعد التحقيق أنه لم يقتل من بني عدي أحد لا مع المشركين ولا مع المؤمنين، وأما ما ذكره الواقدي من أن عمر قد قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة، فهو معارض بما ذكره الواقدي نفسه من أن قاتل العاص هو عمار بن ياسر أو علي بن أبي طالب (68).
ولقد جد عمر واجتهد حتى تمكن خلال 12 عاما أن يتعلم سورة البقرة 69، ولكنه ظل بالرغم من ذلك يشكو من قلة الفقه، فطالما قال: " كل الناس أفقه من عمر " (70)، وقال مرة: " امرأة أصابت وأخطأ رجل " (71)، ويعني بالرجل نفسه، واعترف مرتين أو ثلاثة بأن " كل أحد أفقه من عمر " (72).
ومع هذا كله كان عمر يزايد على رسول الله (ص)، ويتصور الغافلون أن عمر أحرص على الدين من الرسول نفسه، وأفهم بالدين منه! ومن نماذج هذه المزايدات:
أولا - مزايدته في صلح الحديبية، إذ أخرج الله تعالى نبيه محمدا للعمرة، واختار الحديبية محطا لرحاله ومركزا لمفاوضاته، وأعلمه أن المفاوضات ستنتهي بصلح هو الفتح المبين الذي يحقق الغاية التي سعى إليها محمد طوال مواجهته وحربه مع بطون قرى، وأمر الله نبيه بتوقيع الصلح، وكفى بالله شهيدا.
وصف عمر هذا الصلح الذي رضيه الله ووقعه رسوله بأنه دنية، وقال للنبي " علام نعطي الدنية في ديننا؟ " (73)، فأجابه رسول الله: أنا رسول الله ولن يضيعني.
وجعل عمر يردد الكلام نفسه على رسول الله، وقاد حملة من التشكيك بصحة
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»