خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٨
لا تفعل، فإني أخشى أن يتكل الناس عليها (78).
ومثل عمر لا يثير رسول الله الذي وسع الجميع بحمله، فبلغ الرسول بنفسه هذه البشرى للأمة (79).
والكارثة أن البعض كالنووي والقاضي عياش يرون أن الصواب كان في جانب عمر! قال النووي: " إن الإمام الكبير مطلقا إذا رأى شيئا، ورأى بعض أتباعه خلافه، ينبغي للتابع أن يعرضه على المتبوع، فإذا ظهر له أن ما قاله التابع هو الصواب رجع المتبوع إليه " (80)، أي يرجع الرسول لعمر في هذه الحالة!
لقد فعلت إشاعات قادة التحالف فعلها، وأدت إلى الاعتقاد بأن الرسول لا يتلقى بالوحي إلا القرآن وحده، وأما ما عدا القرآن، فهو يتصرف فيه من تلقاء نفسه، وعلى الرغم من أن رسول الله قد أكد مرارا لعمر وحزبه، بأنه لا يخرج من فمه إلا الحق، وأقسم على ذلك (81)، إلا أن عمر وشيعته لا يصدقون رسول الله في هذه المسألة، لأنها تتعارض مع إشاعاتهم، ولأن الناس إذا صدقوها ستخرب كل خطط التحالف المستقبلية، لإجهاض الترتيبات الإلهية لعصر ما بعد النبوة.
رابعا - مزايدته المستفادة مما روته عائشة من " أن أزواج النبي صلى الله عليه وآله كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصح، وهو صعيد أفيح، فكان عمر يقول للنبي: " إحجب نساءك "، فلم يكن رسول الله يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر:
" ألا قد عرفناك يا سودة "، حرصا على أن ينزل الحجاب، عندئذ أنزل الله آية الحجاب (82).
والمشكلة أن الرواة يتصرفون بالوقائع والأحداث ليعطوا عمر دائما موقع البطولة، ولا يجدون غضاضة ولا حرجا حتى لو أعطوه ذلك على حساب رسول الله،
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»