خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٠
والملاحظ أن عبد الله بن عمر حينما نصح أباه بأن يستخلف، وصف حالة ترك الأمة بدون راع بأنها تضييع للأمانة، وتفريط ومحل لوم ينبغي أن يترفع عنه حتى راعي الإبل أو الغنم (60)، وأن عائشة أبلغت عمر بضرورة الاستخلاف، قالت، إن ترك الأمة هملا يؤدي إلى وقوع الفتنة (61)، فهل يعقل أن يكون راعي الغنم أو الإبل أو عبد الله بن عمر أو عائشة، أبعد نظرا، وأدرك لعواقب الأمور من رسول الله وهو صفوة الجنس البشري؟!
والمثير للتساؤل أنه إذا كان رسول الله قد ترك الأمة بلا راع حقا، فلماذا لم يقتد الخليفتان بمحمد، ولماذا لم يخليا على الناس أمرهم؟
ومن العجيب أن استخلاف أبي بكر لعمر، واستخلاف عمر لعثمان، تمت بأمر الرجلين وهما على فراش الموت دون أن يعارضهما أحد، ولسنا ندري لماذا لم يعامل الرسول بمثل هذه المعاملة، حينما أراد أن يكتب قبل وفاته كتابا لن تضل الأمة بعده أبدا، فتصدى له عمر وأبو بكر وأعوانهما وحالوا بينه وبين الكتابة! إنه لمن العجيب أن تعلو مكانة الخليفة على مكانة النبي، وأن يكرم الصحابي أكثر مما يكرم النبي، ومع هذا لا أحد يقف عند هذه القاصمة، ولا أحد يوجه اللوم لفاعليها!
وأما الشائعة الثانية، وهي أن النبي ترك معجزته العظمى وهي القرآن دون جمع ولا كتابة، وإنما قام بذلك الخلفاء الثلاثة، فقد أثبتنا عدم صحة هذه الإشاعة في كتابنا (الخطط السياسية لتوحيد الأمة الإسلامية) ص 45 وما بعدها، فراجع.
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»