خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٧
فقال عمر: " نهاني رسول الله عن قتله وعن قتل غيره: (77)، ولعل هذا هو السر الذي لأجله لم يقتل عمر أحدا من المشركين طيلة زمان دولة النبي صلى الله عليه وآله.
والملاحظ أنه في مرحلة المفاوضات التي سبقت إبرام معاهدة الصلح، طلب النبي من عمر أن يذهب إلى قريش ويبلغها أن الرسول ليست له نوايا عدوانية ضدها، وإنما غايته أن يذبح المسلمون الهدي ثم ينصرفون، فرفض عمر أن يذهب مبعوثا للنبي، وقال: " إني أخاف قريش على نفسي، قد عرفت قريش عداوتي لها، وليس بها من بني عدي من يمنعني "، ومع هذا نجد الرجل الذي لا يقوى على أن يكون سفيرا لإبلاغ جملة قصيرة، يدعو للحرب!
ولو نجحت حملة عمر بالتشكيك في موقف النبي، وأفلح في إلغاء الاتفاقية، وجر من معه إلى حرب مع قريش لم يخطط لها، لدمر حالة التماسك بين الرسول وأصحابه، ولكن المؤكد أن عمر لم يكن يحسن الحرب ولا يحبها، وإنما كان يزايد فقط.
ولو أفلح عمر في إقناع أبي جندل بقتل أبيه في حضرة رسول الله أو في معسكره، لكان في ذلك إحراج هائل لرسول الله، ولتقولت قريش على الرسول صلى الله عليه وآله بأنه قد قتل رئيس مفاوضيها وغدر به وهو في رحابه، ولادة هذه التقولات إلى نتائج خطيرة، ولكن عمر قد لا يقصد ذلك، وإنما يريد فقط أن يقتنع الصحابة بأنه أحرص على الإسلام من الرسول نفسه، وأن يشكك بمواقف النبي وتوجهاته.
ثالثا - مزايدته التي حدثت بعد أن أتم رسول الله صلى الله عليه وآله تصفية أوكار الشرك، وأراد تشجيع الناس على الدخول في دائرة التوحيد والاطمئنان بها، فأمر أبا هريرة أن بشر من لقيه مستيقنا قلبه بشهادة لا إله إلا الله بالجنة، فكان أول من لقيه عمر، فلما بشره أبو هريرة، ضربه عمر بيده بين ثدييه فأسقطه على الأرض، فلما سأله الرسول عما حمله على ما فعل، قال للنبي:
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»