خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٩٦
وأن محمدا رسول الله، فلا سلطان للنبي عليهم وراء ذلك، وليس من صلاحيته أن يقول لأحد، أنت تظهر الشهادتين وتبطن الكفر بهما، لأن باطن الإنسان منطقة محضورة على النبي وغيره، والله سبحانه هو المختص بمحاكمة الإنسان ومحاسبته على ما في باطنه، ومن هنا فحسب موازين الشرع الإلهي التي يأخذ بها النبي ودولته لا سلطان لمحمد على التحالف ما دام أعضاؤه مقرون بالشهادتين وملتزمون ظاهريا بأحكام الدين.
صحيح أن الاتفاق الجرمي كان حاصلا في نفوس أعضاء التالف، فالله سبحانه أمر النبي صلى الله عليه وآله أن ينصب عليا إماما للأمة من بعده، واختص ذرية النبي بالإمامة، وهذا الترتيب الإلهي لمصلحة العباد بالدرجة الأولى والأخيرة، وكان التحالف يرفض ذلك، ويعمل سرا للحيلولة بين الإمام وحقه في الإمامة، إلا أنه لم يخط خطوات عملية تجعله تحت طائلة المؤاخذة والعقوبة، وإن كانت هناك بعض القرائن التي تشي بدخيلة نفوس البعض، فهذا عمر يقول إنه ليس من العدل أن يستأثر الهاشميون بالملك وبالنبوة معا، فيجيبه النبي بأن هذا الترتيب ليس من عنده، وإنما هو أمر إلهي، فيمط عمر شفتيه غير مقتنع بالجواب، فالخلل في إيمان عمر وتسليمه، وعلى مجتمع المؤمنين أن يحذر هذا الخلل، ويحول دون القناعات المخالفة للترتيبات الإلهية أن تجد طريقها للتطبيق العملي، فإذا لم المجتمع بوظيفته هذه، كان هو المفرط بحق نفسه، وسيكتوي بنار الانحراف في وقت يطول أو يقصر، ويدفع ثمن المعصية، وحينئذ لا ينفعه عمر ولا قادة التحالف.
إن قيام التحالف حالة من الانحراف عن الدين الحنيف، وكان ينبغي أن يكون حافزا للصادقين من المؤمنين ليقفوا بحالة يقظة تامة ووحدة حقيقية تواجه ذلك التحالف وتمنعه من تحقيق أهدافه، بالالتفات حول الإمام المعين من قبل النبي،
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»