في المغنم، ولم يبق على الجبل إلا عشرة، فاستغل خالد بن الوليد هذه الفرصة، فهجم على الجبل ومعه عكرمة، وقتلوا من بقي من الرماة، وهجموا على المسلمين، وقلبوا موازين القوى، وفوجئ المسلمون بما حدث، وأخذ بعضهم يضرب بعضا، وفر عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وغيرهما (23). وزاد الطين بله أن المشركين تمكنوا من الغدر بحمزة فقتلوه، وأشيع أن النبي قد قتل، فزلزل المسلمون زلزالا شديدا، وصبر الإمام علي (ع) وقاتل دون النبي صلى الله عليه وآله قتالا يفوق التصور، حتى قال ابن إسحاق: كان الفتح يوم أحد بصبر علي (24)، وكان من الذين ثبتوا أيضا سعد بن عبادة والمقداد والحباب بن منذر وكعب وأبو دجانة وسهل بن حنيف.
احتاج المسلمون إلى وقت حتى أعادوا تنظيم أنفسهم، وعاد الذين فروا من القتال إلى الميدان، وأحس المشركون بأنهم قد ثأروا لقتلاهم في بدر، فقد قتلوا 70 رجلا من الأنصار وأربعة من المهاجرين منهم حمزة عم النبي وجناحه وأصيب النبي في جبهته ورباعيته وشفته، ورأوا أن من حسن التدبير أن يحافظوا على بريق هذا النصر، فانسحبوا من المعركة، وأقبل المسلمون على قتلاهم، وكان أول من أحضر حمزة، فصلى عليه النبي أربعا، ثم جمع إليه الشهداء، وكلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة، فصلى عليه وعلى الشهداء، حتى صلى عليه سبعين مرة (25).
من المؤكد أن بطون قريش قد انتصرت في معركة أحد، ولكن من المؤكد أيضا أن المسلمين لم ينهزموا لقلة عددهم، فقد انتصروا في معركة بدر رغم قلة العدد، وإنما يكمن سبب هزيمتهم في مخالفتهم للنبي صلى الله عليه وآله بعدم البقاء في المدينة أولا، وبعدم الثبات على المرابطة في الجبل ثانيا، وطوال التاريخ الإسلامي كان مكمن الكوارث والنكبات التي حلت بالأمة الإسلامية هو مخالفة الرسول، واعتماد الرأي بدلا من النص.