3 - كان الحسد هو الدافع الأساسي لعداوة بطون قريش للنبي صلى الله عليه وآله ولبني هاشم، وكراهيتها أن يتميز عليها الهاشميون بميزة لا تستطيع الإتيان بمثلها وهي النبوة، وأما بعد معركة بدر وما سال فيها من دماء المشركين، فقد أضيف دافع آخر للعداء وهو الحقد على محمد وآله، الذي امتلأت به نفوس البطون، وظل ينمو فيها على الأيام، ولم يفارقها لحظة واحدة، كيف يمكن لأبي سفيان أن يحب عليا وقد قتل ابنه وعمه؟! وكيف يمكن لمعاوية أن يحب عليا وقد قتل شقيقه وجده وخاله وابن خاله وعمومته؟! وكيف يمكن لخالد بن الوليد وعثمان بن عفان والوليد بن عقبة بن معيط أن يحبوا الحمزة وعليا، وسيوفهما تقطر بدم الآباء والأعمام والأخوال؟! يسهل التصور أن يحبوا النبي، ويصعب التصور أن يحبوا آل النبي، لقد لاحقهم الوتر، وأورثوه لذرياتهم، وكتب على أهل بيت محمد طوال التاريخ أن يدفعوا ضريبة باهضة لانتمائهم الصادق لمحمد ولدين محمد.
النفس البشرية ليست زرا كهربائيا تضئ وتطفأ بحركة، إنها عالم من العواطف والانفعالات، وإنه من المتعذر على الإنسان عمليا أن يحب من قتل ابنه أو أباه أو أخاه أو أحد أقاربه، وإن كان الذي قتلهم إنما قتلهم على الإيمان وجهادا في سبيل الله، لكن هذا كله لا يمنع انفعالات النفس البشرية وثورة أشجانها من حين إلى حين، فمحمد هو الآمر، وعلي والحمزة هما المنفذان اللذان نكلا بالبطون.
وأكثر بطون قريش بغضا لنبي وآله هم " بنو أمية، وبنو المغيرة، وبنو مخزوم "، هكذا رتبهم النبي صلى الله عليه وآله (13)، وهذا النص علاوة على أنه صادر عمن لا ينطق عن الهوى، يمثل قراءة دقيقة لوقائع الأمور، فأكثر القتلى في بدر كانوا من هذه البطون الثلاثة، والمتنافسون على زعامة بطون قريش هم سادات تلك البطون الثلاثة، وحسب حسابات هذه البطون، فإنها الأكثر تضررا من النبوة الهاشمية