لرأي الأكثرية، وأمرهم بالاستعداد للخروج، ولبس عدة الحرب، وشعر الأكثرية بأنهم أكرهوا الرسول على الخروج فندموا وقالوا: يا رسول الله ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما بدا لك. فقال: " دعوتكم فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه "، ودفع النبي لواء المهاجرين إلى علي، ولواء الخزرج إلى سعد بن عبادة، ولواء الأوس إلى سعد بن معاذ، وأرجع اليهود الذين خرجوا معه، وانصرف عبد الله بن أبي ومن والاه.
سار النبي صلى الله عليه وآله حتى وصل إلى جبل أحد، فجعل الجبل خلف ظهره، واستقبل المدينة، وأمر خمسين من الرماة بالمرابطة على جبل أحد، وقال لهم:
" احموا لنا ظهورنا، فإنا نخاف أن نؤتى من ورائنا "، والزموا مكانكم لا تبرحوا منه، وإن رأيتمونا نهزمهم حتى ندخل معسكرهم فلا تفارقوا مكانكم، وإن رأيتمونا نقتل فلا تعينونا ولا تدافعوا عنا، وارشقوا خيلهم بالنبل، اللهم إني أشهدك عليهم "، ثم وقف أمام أصحابه ونهى أن يقاتل أحد حتى يأمره (20).
التقى الجيشان، وبرز من صفوف المشركين طلحة بن أبي طلحة وصاح، هل من مبارز؟ فانبرى له علي (ع)، واختلفا بضربتين، وأصاب علي رجل طلحة فقطعها، فكان بذلك مقتله، فسر رسول الله وكبر، وكبر المسلمون، ثم هجموا على المشركين (21).
وقتل علي حملة لواء المشركين وكانوا ثمانية، فحمل اللواء عبد لهم، فألحقه الإمام علي بهم (22)، وعلى إثر صولات علي والحمزة انكشف المشركون منهزمين، والمسلمون يلاحقونهم حتى أجلوهم عن معسكرهم، وكان الرماة، الذين أوصاهم النبي بالبقاء على الجبل يشاهدون ذلك، فلما رأوا المسلمين يحوزون الغنائم من معسكر المشركين، تركوا مواقعهم وانطلقوا إلى المعسكر يبغون الاشتراك