فبعد 58 عاما يعرب حفيد أبي سفيان وهند عن مشاعره الدفينة، ويغمره الفرح والسرور بقتل الحسين (ع) كما غمر أباه وأجداده عندما قتل الحمزة وعلي والحسن.
ولم يقصر الحاقدون حقدهم على محمد وآل محمد، بل حقدوا على كل الموالين لهم، فبعد مرور 58 عاما على وقعة بدر أرسل مسلم بن عقبة رؤوس المتمردين على يزيد بن معاوية من أهل المدينة، فلما ألقيت الرؤوس بين يديه) جعل يتمثل بشعر ابن الزبعرى:
ليت أشياخي ببدر شهدوا * جزع الخزرج من وقع الأسل لأهلوا واستهلوا فرحا * ثم قالوا: يا يزيد لا تشل لعبت هاشم بالملك فلا * ملك جاء ولا وحي نزل (16) وبالإجمال: فإن نجاح النبوة الهاشمية، وتأكد التميز الهاشمي، والجراح التي نتجت عن قتلى معركة بدر، والغصص التي تجرعها الذين اتبعوا محمدا من بطون قريش، تركت بصماتها على التاريخ الإسلامي كله، وظلت تعتمل في النفوس، وكانت من أبرز الأسباب التي قوضت النظام السياسي الإسلامي، وأفرغته من مضمونه ومحتواه، وأخرجت المنظومة الحقوقية الإلهية من دائرة التأثير.
4 - كانت النتائج المذهلة وغير المتوقعة لمعركة بدر صدمة عنيفة لبطون قريش، وليهود المدينة، وللمنافقين، وكان البيت الأموي عامة وأبو سفيان خاصة من أكثر البطون إحساسا بالنكبة والفجيعة، فقد قتل منهم في بدر أحد عشر سيدا من سادات الوادي على حد تعبير أبي سفيان، منهم حنظلة الابن البكر لأبي سفيان، وأمام ضغط الأسرة وفيض مشاعر الحقد والإحباط حرم أبو سفيان على نفسه الدهن حتى يثأر من محمد، ثم خرج مع مجموعة من أربعين أو مئتي فارس، ودخل المدينة ليلا، ونزل في بيت سلام بن مشكم اليهودي،