الباب الثاني المواجهة بعد الهجرة * * * * - الفصل الأول - النبي صلى الله عليه وآله في يثرب.
1 - توجه النبي (ص) إلى يثرب، وكانت أنباء هجرته ونجاته من القتل قد سبقته إليها.
لقد سمع سكان يثرب ومن حولها الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وآله واختلفوا بشأنه اختلافا كبيرا، فمنهم من آمن به وأحبه حبا شديدا، واعتبر قدومه فاتحة خير وبركة للجميع، ومنهم من فوجئ بدخول الإسلام إلى يثرب وبسرعة انتشاره، فكره النبي كرها شديدا قبل أن يراه، وتمنى لو أن قريشا قد تمكنت منه ووضعت حدا لحياته ولدينه، ومن ثم اعتبر قدومه شرا مستطيرا.
إلا أن الجميع اعتبروه شخصا متميزا، وبطلا وقف أمام ضغوط بطون قريش الثلاثة والعشرين طيلة اثني عشر عاما، فتولدت حالة من الانبهار العام بشخصه، جعلت الجميع يتلهفون على مشاهدته، وأخفى الكارهون له ولدينه ولقدومه مشاعرهم، وأظهروا كياسة وحسن ضيافة، وخرجت يثرب ومن حولها عن بكرة أبيها تستقبل النبي صلى الله عليه وآله بمشاعر الاعجاب والاحترام، وعرض العديد من الوجهاء على النبي أن يحل ضيفا عليهم، ومن جملتهم عبد الله بن أبي زعيم المنافقين، فقطع النبي تنافسهم، بأن أخبرهم أن ناقته مأمورة بأن تبرك في مكان معين، وأنه سيحل في ذلك المكان (1).
2 - يمكن تصنيف القوى الفاعلة اجتماعيا في يثرب عند قدوم النبي إليها إلى ثلاثة أصناف:
الأول - المسلمون، وهم فريقان:
أولهما - المهاجرون، وهم الذين أسلموا من سكان مكة، وهاجروا