فقاتلوا بحقكم الذي بعث الله به نبيكم، إذ جاؤوا بباطلهم ليطفئوا نور الله "، وكلف حمزة وعليا وعبيد الله بن الحارث أن يخرجوا للمبارزة، فكانت النتيجة أن قتل المشركون الثلاثة، وقطعت ساق عبيد الله، فحمل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله، ألست شهيدا؟ قال: بلى، قال: أما والله لو كان أبو طالب حيا لعلم أني أحق بما قال حين قال:
كذبتم وبيت الله نخلي محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل ونسلمه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل (11) صعقت بطون قريش لهذه النتيجة واهتزت، وشهر أبو جهل سيفه وحرض المشركين على الهجوم العام، والتحمت الفئتان، فئة قليلة مؤمنة، وأخرى كثيرة مشركة.
وأبلى الحمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله بلاء حسنا، وقاتل الإمام علي بقدرة تفوق الوصف والتصور، حتى لفت أنظار أهل الأرض وأهل السماء، فنادى ملك من السماء، لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي (12).
لقد تألق نجم ولي العهد في بدر، وأدرك الكثير أن الله أعلم حيث يجعل رسالته، فقد أثخن علي في المشركين، وقتل هو وحمزة وحدهما نصف ما قتل من المشركين، ومما يدعو للعجب أن بطولة علي صارت مسبة له، ووسيلة للتحريض عليه، وإبعاده عن حقه بالإمامة من بعد النبي صلى الله عليه وآله، فبعد عشرين سنة يقول عمر بن الخطاب لسعيد بن العاص: " إني لأراك معرضا، تظن أني قتلت أباك، والله ما قتلت أباك "، يريد أن يذكره بأن الذي قتل أباه في بدر هو علي بن أبي طالب.
وانجلت معركة بدر بهزيمة بطون قريش هزيمة منكرة، وبقتل سبعين رجلا من أفضل رجالات البطون، وبأسر مثلهم، وعلم العرب بنتائج المعركة، وأدركوا أن قوة خارقة تدعم محمدا، وأن دينه أصبح واقعا مفروضا، وأن طريقه هو طريق النصر والمجد.