خلاصة المواجهة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٣٥
* الفصل الثاني - المواجهة المسلحة.
1 - بالهجرة اختلفت الأمور تماما، فالإسلام أصبحت له دولة، ومحمد صلى الله عليه وآله يترأس كيانا سياسيا أكثر تنظيما واستقرارا من الكيان السياسي الذي تتوزع زعامة البطون القرشية رئاسته، ولم يعد أتباع محمد ضعفاء يخافون أن يتخطفهم الناس، بل صارت لهم دولة تحميهم ووطن يأويهم ويدافعون عنه.
وما أن رتب النبي صلى الله عليه وآله الأوضاع الداخلية لكيانه السياسي حتى بدأ بإرسال الإشارات المتلاحقة إلى زعامة بطون قريش، لإشعارها بأن الأمور قد تغيرت وأن طريق تجارتها إلى الشام أصبح تحت سيطرته، فإن شاء تركها تمر وإن شاء منعها، ومن الخير لها أن تفاوضه، فهو لا يطمع بالكثير، وليس له سوى مطلب واحد، وهو أن تخلي قريش بينه وبين العرب يدعوهم إلى دينه بلا إكراه، وليس كثيرا على قريش أن تجيبه إلى طلبه، فإن اليهود والنصارى كانوا يدعون الناس إلى دينهم، ولا تعترضهم بطون قريش، بل إن عبدة الأصنام يتمتعون بذات الحق أيضا، فلماذا لا تعامل قريش ابنها محمدا وتخلي بينه وبين العرب، كما عاملت أصحاب بقية الأديان؟
أرسل النبي سبع سرايا عسكرية خلال أحد عشر شهرا لاعتراض قوافل قريش التجارية، ابتداء من الشهر السابع للهجرة وانتهاء بالشهر السابع عشر، وقد قتل في السرية الأخيرة من المشركين عمرو الحضرمي وأسر صاحباه (2)، ولكن قريش مضت بتجاهلها للنبي، وتجاهلها للواقع، وأصرت على أن لا تفاوضه أو تتحدث معه بأي شكل من الأشكال.
2 - في المرة الثامنة خرج النبي صلى الله عليه وآله لاعتراض قافلة قريش القادمة من الشام بقيادة أبي سفيان، الذي علم بخروج النبي، فغير مسير القافلة، وأرسل إلى بطون قريش يستنفرها لحماية أموالها، فقررت البطون أن تخرج كلها هذه المرة، وأن تشترك في النفقات، فجهزت جيشا بقيادة أبي جهل (3)، وبدأت
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»