المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠١
مع الله ورسوله.
وبالرغم من قلة الفئة المؤمنة، إلا أن الله تعالى قد ساعدها بفرض هيبتها، وخلق جوا من الانبهار بوجودها التشابك المذهل وفوق هذا وذلك وجدت حالة من التشابك العجيب بين تشكيلات شعب المدينة وما حولها، فأفراد وبطون الأوس قلبيا مع الذين ينتمون للأوس، وأفراد وبطون الخزرج مع المنتسبين للخزرج ومن الممكن تجاهل رابطة الدم، والتنافس بين القبيلتين حقيقة من حقائق الحياة ترسخت نهائيا، لقد خففها الإسلام، لكنه لم يقوى على اقتلاعها نهائيا من النفوس. والتحالفات بقيت مصانة، وبقيت آثارها ثم إن هنالك ظاهرة عجيبة حقا، فقد يكون الأب منافقا ويكون الابن مؤمنا. ومهما تمكن الإسلام من قلب الولد فعسير جدا عليه أن يترك أباه، فعندما كثر الحديث عن ضرورة قتل عبد الله ابن أبي عز ذلك على ابنه المؤمن واستأذن النبي بقتل أباه، حتى لا يقتله غيره ويكون مضطرا لمشاهدة قاتل أبيه، فيطمئنه النبي ويؤكد له بأنه سيحسن صحبته ولن يأذن لأحد بقتله) تلك هي الخطوط العريضة هذه هي الخطوط العريضة لطبيعة المجتمع الذي وجد النبي نفسه قائدا له، وهو مجتمع يتعذر على أي رجل فز أن ينجح بقيادته وتوحيده لكن النبي مؤهل إلهيا، وهو ذروة الوجود الإنساني، فقد كان ببصيرته الثاقبة وبعون الله على علم كامل بطبيعة التشكيلات البشرية التي يتكون منها شعبه، وهو لم يتوقع بأن يحكم شعبا من الملائكة لذلك صمم أن يتعامل مع الواقع كما هو وأن ينقله بحدود قدرته على الاحتمال وتدريجيا مما هو كائن إلى ما ينبغي أن يكون أو لأقرب نقطة مما
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»