المواجهة مع رسول الله - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٢٠٠
باعتناقه، ووالت بطون الأوس والخزرج رسول الله بعد هجرته أو تظاهرت بموالاته رغبة أو رهبة - وهكذا وظاهريا جمعوا بين وحدة الدين، ووحدة الأصل، ووحدة الوطن، ووحدة القيادة.
لكن الأمور واقعيا كانت مختلفة جدا، فأكثرية الأوس والخزرج لم يعتنقوا الإسلام إنما تظاهروا باعتناقه ولم يوالوا النبي حقا، إنما تظاهروا بموالاته، وهذه الأكثرية هي التي عرفت شرعا (بالمنافقين) حيث تعذر عليها أن تبقى على حالها، أو تسبح بمواجهة تيار قوي وجارف، فتظاهرت باعتناق الإسلام، وبموالات النبي، وأضمرت الكفر بالإسلام والحقد على النبي، واندست مظهرة إسلامها وموالاتها للنبي ومبطنة كفرها وحقدها على النبي تتربص الفرص لنقض كلمة الإسلام من أصولها وللقضاء على محمد وآله ومن صدق بموالاته. وليس من المستبعد إن هذه الأكثرية بقيت عاكفة على أصنامها تقدم لها فروض الطاعة، وليس بعيدا أن تكون هذه الفئة بلا دين وبلا خلاف.
أما بطون اليهود والعائلات اليهودية فقد كانت أقل مكرا وأبعد غورا، فبعضهم اعتنق الإسلام وصدقوا وهم قلة، والأكثرية منهم بقيت على دينها، وبنفس الوقت أظهرت قبولها بقيادة النبي. وتعاملت بحذر مع الأكثرية المنافقة، وتعاطفت معها، وتمنت الأكثرية اليهودية أن ينجح مخطط المنافقين الرامي إلى نقض كلمة الإسلام من أصولها، والقضاء على محمد وآله والمخلصين له. وطبع الله على قلوب الفريقين أما الفريق الثالث فهم المؤمنون الذين امتحن الله قلوبهم للإيمان من المهاجرين والأنصار فقد آمنوا بالله حقا، وصدقوا رسوله، وصدقوا بموالاتهم له. وكانت عقولهم وهواهم
(٢٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 ... » »»