أخذوا بحالة الانبهار العام وهكذا خرجت يثرب ومن حولها عن بكرة أبيها، ولأول مرة في تاريخها لتستقبل النبي مظهرة له كل مشاعر الاعجاب والاحترام، والفرح بقدومه، وعرض عليه العديد من وجهاء يثرب أن يحل ضيفا عليهم، ومن جملة الذين عرضوا عليه ذلك عبد الله بن أبي زعيم المنافقين، وتنافسوا لينالوا شرف ضيافته، وخرج النبي بحل عبقري أدهش المتنافسين على استضافته، وقطع تنافسهم، حيث قرر أن يحل بالمكان الذي تبرك فيه ناقته المأمورة (1) القوى الفاعلة في يثرب عند قدوم النبي إليها 1 - الأوس والخزرج كانت تسكن يثرب وما حولها قبائل عربية، أكثرها وأهمها على الاطلاق الأوس، والخزرج، وكل قبيلة من هاتين القبيلتين ترى أن السيادة إذا آلت إلى القبيلة الأخرى منهما فإن حط من قدرها، وانتقاص من كبريائها، ولم تتوصلا مع الزمن إلى قاسم مشترك مما جر عليهما المتاعب والويلات، وغرس في نفوس المنتسبين إليهما بذور الحسد والتنافس والكراهية والحقد، فإذا تبنى الأوس موقفا فالخزرج يتبنون بالضرورة الموقف المناقض له، وإذا اندفعت الخزرج نحو خير، اندفع الأوس لينالوا أوفره وانقسمت كل قبيلة من هاتين القبيلتين إلى بطون متعددة، وجرى
(١٨٧)