وكذلك اختص الإمام بهذا اللقب، وكان نشيدا على ألسنتهم كما قدمنا.
فكيف مع كل هذا يدعي ابن خلدون إن ذلك لم يصح. ويا ليته قال ذلك وكفى.
بل زاد الطين بلة حين ادعى للهوه أنه " ولا نقله أحد من أئمة النقل ".
وقد أثبتنا بقاطع البرهان، أن المؤرخين المعتمدين عند ابن خلدون، قد ذكروا روايات عن الوصية ومنهم اليعقوبي في تاريخه، بل إن مؤرخين كالطبري والمسعودي وهما العمدة عنده، أفردوا لحديث الوصية كتابين خاصين، ابن جرير الطبري سماه " الولاية " كما ذكرنا، والمسعودي سماه " إثبات الوصية " هذا مع أن الصحاح الستة تطفح بما يخرص الألسن من الروايات المؤكدة لوصيتهم.
لقد أورد ابن خلدون حديث الدواة، مدعيا إن ذلك دليل على عدم الوصية.
وأضاف إلى ذلك بعضا من شطحاته التي انتهت به إلى القدح في شخص الإمام علي (ع) بإيراد رواية شاذة جدا، يدل على ضعفها الحال من سلوك الإمام علي ومواقفه في قضية الخلافة، قال: والذي وقع في الصحيح من طلب الدواة والقرطاس ليكتب الوصية وأن عمر منع من ذلك فدليل واضح على أنه لم يقع، وكذا قول عمر (رض) حين طعن وسئل في العهد فقال: إن أعهد لقد عهد من هو خير مني يعني أبا بكر، وإن أترك فقد ترك من هو خير مني يعني النبي (ص) لم يعهد، وكذلك قول علي للعباس (رض) عنهما حين دعاه للدخول إلى النبي (ص) يسألانه عن شأنهما في العهد، فأبى علي من ذلك وقال:
إنه إن منعنا منها فلا نطمع فيها آخر الدهر؟ وهذا دليل على أن عليا علم أنه لم يوص ولا عهد إلى أحد (141).
وقد سبق أن تعرضنا إلى تفاصيل الحدث الذي سماه ابن عباس بالرزية.
وابن خلدون طوى كشحا عن تسمية الحديث بما يشير إلى ملابساته وخطورة معناه.
وكأن ابن خلدون هو أدرى من ابن عباس بالمغزى من حديث الدواة. لذا استسهل وهون لما استفظعه ابن عباس، ولم يتعرض أيضا لقول الرسول (ص)