الحسن، لقال ابن حجر لما يدل عليه الحال من ادعاء ابن خلدون فدعنا هنا نعالج ما قاله ابن حجر.
في العبارة الأولى هناك مجازفة تنطوي على جهل وقلة علم، فقوله:
لا نسلم بأن معنى الولي ما ذكروه، يخفي موقف التمذهب، لأن التسليم في هذه المقامات ليس من اختيار الأهواء النفسية والمذهبية، بقدر ما هو تقرير العلم، فاختياره الناصر والمحبوب هو أيضا مما يثقل تقبله على العقل، لأنه لا دليل يقتضيه، وهو من قال: تعيين بعض معاني المشترك من غير دليل يقتضيه تحكم لا يعتد به، كما أن معنى الناصر والمحبوب هي أبعد المعاني عن مفهوم الولي من الإمامة نفسها، والقرائن على ذلك ظاهرة، يدل عليها الحال من خطبة الرسول (ص) وظروفها النفسية والتاريخية.
فتاريخ الخطبة تزامن مع نهاية وختم الرسالة، وعلى أثرها نزل الوحي معلنا بإكمال الدين. وجغرافيتها منطقة نائية، وطقس حار. كل هذا لا يدل على أن المقام، هو مقام حديث عن المحبة والنصرة.
هذا بغض النظر عن عدم وفاء أصحابه بالمحبة والنصرة. بل وإنه حتى على أساس هذا التأويل يبقى ابن خلدون محاصرا بحرج شديد. في أمر الأمويين الذين لم يحبوا ولم ينصروا عليا (ع).
وهكذا يكون الجلي من نصوص الشيعة جليا حقيقة. ولا مهرب بعد ذلك من إقامة الحد على الادعاء الخلدوني. جزاء وفاقا لما رامه من تهريج يمجه طبع الغرير.
وفي مورد آخر يتعرض ابن خلدون لما تدعيه الشيعة من وصية الرسول (ص) للإمام علي (ع) قال:
" والأمر الثاني هو شأن العهد من النبي (ص) وما تدعيه الشيعة من وصية لعلي (رض) وهو أمر لم يصح ولا نقله أحد من أئمة النقل (135) ".