الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ٢٠٤
وكيف رد على عمر، وكيف أن الرسول (ص) غضب لذلك وطلب منهم الخروج، والحال كان يجسد قرينة على امتناع عمر عن الاستجابة لطلب الرسول (ص) وليس قرينة على أنه لم يدل على الوصية لعدم وقوعه، فعدم وقوع الوصية يوم الخميس هو قرينة على حقيقة الاغتصاب، لا على عدم الوصية، وقد سبق أن حللنا المسألة.
وبعدها لم يجد ابن خلدون في نفسه حرجا مما أقدم عليه من اتهام لشخص الإمام علي (ع) في أنه امتنع عن الاستجابة للعباس حرصا على طلب الخلافة وهو أمر يكفي رده بما سبق أن ذكرناه، ولا أدل على ذلك من موقف الإمام علي (ع) فلو كان الأمر كذلك، إذن لما جرى له من صراع مع الخلفاء ولما حارب من أجل استرداد ما رآه حقا مغتصبا.
وهذا لعمري، هو عين التحريف، وقلب الحقائق على خياشيمها.
يزيد ابن خلدون كلامه، بهذه العبارة التي تلخص نظريته المتداعية حول الإمامة:
" وشبهة الإمامية في ذلك إنما في كون الإمامة من أركان الدين كما يزعمون وليس كذلك، وإنما هي من المصالح العامة المفوضة إلى نظر الخلق.
ولو كانت من أركان الدين لكان شأنها شأن الصلاة، ولكان يستخلف فيها كما استخلف أبا بكر في الصلاة، ولكان يشتهر كما اشتهر أمر الصلاة (142) ".
ولعل الشبهة التي دفعت ابن خلدون إلى جمع ما شذ من أخبار في تصويب تيار الغلبة هو اعتبار الإمامة أمرا ثانويا متروكا للمصلحة وحتمية الغلبة، وهي الشبهة أيضا التي أكبت ابن خلدون على وجهه ليلعق طرق التدليس والتلبيس على صحون التصويب والأقيسة الرديئة!.
لقد قاس الإمامة على الصلاة، واعتبر الأولى أقل شأنا من الثانية، متناسيا أن لا قيمة للصلاة إذا لم تكن على أساس من الولاية، مما يقيم صرح كل العبادات،

(142) المقدمة ص 224.
(٢٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 199 200 201 202 203 204 205 206 207 209 210 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235