أصبحت حرمتها واضحة للجميع. بل كما سنرى إنها ظلت متمكنة من بعضهم إلى آخر أيامه. كل ذلك لنزعزع الأساس الذي قامت عليه عبقريتهم. أساس الورع وما يترتب عليه من قيم وسجايا.
لقد ثبت أن أبا بكر كان مدمنا على الخمر والقمار في أيام الجاهلية، وهذا يخالف ادعاء بعض المؤرخين، من أنه كان سيدا وقورا في قومه قبل الإسلام، ومن أنه كان متورعا عن كثير من الصفات والأخلاق الجاهلية.
وهناك أحاديث كثيرة تثبت ذلك وعلى رأسها حديث أبي القموص الذي أخرجه الطبري في تفسيره عن أبي بشار، قال: عن أبي بشار عن عبد الوهاب عن عوف عن أبي القموص زيد بن علي قال: (2) أنزل الله عز وجل في الخمر ثلاث مرات، فأول ما أنزل قال الله: يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما، قال: فشربها من المسلمين من شاء الله منهم على ذلك حتى شرب رجلان فدخلا في الصلاة فجعلا يهجران كلاما لا يدري عوف ما هو أنزل الله عز وجل فيها: " يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون "، فشربها منهم وجعلوا يتقونها عند الصلاة حتى شربها فيما زعم أبو القموص إن رجلا ينوح على قتلى بدر:
تحيى بالسلامة أم عمرو * وهل لك بعد رهط من سلام؟
ذريني اصطبح بكرا فإني * رأيت الموت نقب عن هشام وود بنو المغيرة لو فدوه * بألف من رجال أو سوام كأني بالطوى بدر * من الشيزى يكلل بالسنام كأني بالطوى طوي بدر * من الفتيان والحلل الكرام قال، فبلغ ذلك رسول الله (ص) فجاء فزعا يجر رداءه من الفزع حتى انتهى إليه لما عاينه الرجل فرفع رسول الله (ص) شيئا كان بيده ليضربه قال: أعوذ بالله من غضب الله ورسوله والله لا أطعمها أبدا فأنزل الله تحريمها ".