الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٤٥
المسلمين وبث الشبهة في أذهانهم وإشغالهم بذلك ربما للوقت ولا يعنينا ما رامه ابن أبي الحديد من أن ذلك كان بمقتضى المصلحة في حراسة الدين والدولة.
وذكر الشهرستاني قول عمر بن الخطاب (47): كنت أزور في نفسي كلاما في الطريق: فلما وصلنا إلى السقيفة أردت أن أتكلم فقال أبو بكر: مه يا عمر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر ما كنت أقدره في نفسي؟ كأنه يخبر عن غيب، فقبل أن يشتغل الأنصار بالكلام مددت يدي إليه فبايعته وسكنت الفتنة، إلا أن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه ".
وفي نص البخاري، قال عمر: " فأردت أن أتكلم فقال أبو بكر على رسلك فتكلم هو، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال مثلها أو أفضل (48) ".
إذا هناك تدبير مسبق حاول عمر أن يعزوه إلى الاتفاق لإبعاد تهمة التآمر عليه.
ذلك التآمر الذي كشف عنه الإمام علي (ع) عندما قال له: إحلب حلبا لك شطره.
وقال: لشد ما تشطرا ضرعيها (49) فهناك إذن تزوير، وهناك موافقة من أبي بكر. وهذا أمر لا تنطلي خلفيته على اللبيب!.
ثم لنعد إلى ما اعتمده ابن خلدون من رواية. لنرى هل ما قاله عمر في السقيفة هو كما ذهب إليه؟!.
أورد ابن خلدون نصا لا يوافق نصوص المؤرخين والمحدثين الذين اعتمدهم ووثق رواياتهم، فعمر بن الخطاب لم تكن له كلمة في السقيفة على نحو هادئ يثير العقل ويحرك الحوار.
بل كان - كدأبه - فظا غليظ القلب، وحسبك ما جرى بينه والحباب بن المنذر، وسعد بن عبادة من مشادات كلامية، وصل بعضها إلى العراك والهم بامتشاق السيوف.

(47) الملل والنحل / الشهرستاني.
(48) البخاري، كتاب الحدود، باب رجم الحبلى من الزنا.
(49) نهج البلاغة.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235