الخلافة المغتصبة - إدريس الحسيني المغربي - الصفحة ١٤٤
" وغلبوهم عليه جماعا وموعظة " ولعل كلمتي " جماعا وموعظة " هي لغز زائد عند ابن خلدون وإمعانا منه في تنسيق موقف الشيخين فيما زاولوه من قمع وإرهاب للأنصار. دعنا نتابع الأمر لنرى هل فيه ما يصدق كلام بن خلدون؟!.
ذكر هذا الأخير احتجاج كل من أبي بكر وعمر بن الخطاب على هذا النحو:
قال أبو بكر: نحن أولياء النبي وعشيرته وأحق الناس بأمره، ولا ينازع في ذلك وأنتم لكم حق السابقة والنصرة، فنحن الأمراء وأنتم الوزراء. وقال الحباب بن المنذر بن الجموح: منا أمير ومنكم أمير، وإن أبوا فاجلوهم يا معشر الأنصار عن البلاد، بأسيافكم وإن الناس لهذا الدين، وإن شئتم أعدناها جذعة أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب.
وقال عمر: " إن رسول الله (ص) أوصانا بكم كما تعلمون، ولو كنتم الأمراء لأوصاكم بنا ".
قبل السير في كشف آثار التلبيس في هذا النص، يجدر بنا أن نعري أيضا عن (45) ذلك الجو الذي أودعوه خبر السقيفة. ابن خلدون يجعل خبر السقيفة بحيث يفيد القارئ بمدى تلقائية اجتماع أبي بكر وعمر أبي عبيدة. والواقع يثبت عكس ذلك. إن هناك خطة مدبرة سلفا يتزعمها أولئك الثلاثة. ولست ممن يستسيغ أن يكون هذا الحلف قادرا بتلقائيته الانتصار على الأنصار إن لم يكن هناك تدبير مسبق.
ذكر ابن أبي الحديد: " إن عمر لما علم أن رسول الله قد مات خاف من وقع فتنة في الإمامة وتغلب أقوام عليها، إما من الأنصار أو من غيرهم، فاقتضت المصلحة عنده تسكين الناس فأظهر ما أظهر وأوقع تلك الشبهة في قلوبهم حراسة للدين والدولة إلى أن جاء أبو بكر (46) ".
وهذا الكلام يفيد في أن قضية الخلافة كانت متواجدة في ذهن عمر بن الخطاب وينتظر مجئ أبي بكر ليبدأ تحركهما في هذا المجال والأمر آنذاك كان يقتضي تسكين

(45) نفس المصدر ص 468.
(46) شرح النهج، ابن أبي الحديد.
(١٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة 7
2 مدخل 17
3 حركة النفاق في المجتمع الاسلامي 17
4 التدابير النبوية في تركيز الإمامة 26
5 نتيجة المدخل 35
6 النفاق والنهاية المفتعلة 43
7 الباب الأول الخلفاء الراشدون حبكة مفتعلة! الفصل الأول: الاصطلاح والمفهوم 53
8 أهل البيت والأعلمية 69
9 الخلفاء ما داموا مارسوا الخلافة 80
10 السقيفة والمعارضة 84
11 الخلفاء ما داموا صحابة 89
12 الفصل الثاني: الخلفاء والواقع التاريخي موقف الإمام علي (ع) مثالا 95
13 الباب الثاني أزمة تاريخ أم أزمة مؤرخين؟ نموذج ابن خلدون التاريخ لماذا؟ 113
14 لماذا ابن خلدون؟ 117
15 ابن خلدون ووفاة الرسول (ص) وبدء الخلافة! 122
16 في مسألة تجهيز جيش أسامة 124
17 فتح باب أبي بكر، وذكر الخلة! 131
18 صلاة أبي بكر 135
19 خبر السقيفة 143
20 سعد الخزرجي وأساطير الجن 148
21 خلافة عمر 153
22 عثمان والفتنة 160
23 ابن خلدون ومعاوية بن أبي سفيان! 180
24 كربلاء.. نموذجا آخر 185
25 شبهات ابن خلدون والرد عليها 196
26 الباب الثالث عبقريات في الميزان أوهام مقدسة 209
27 العبقرية 211
28 الذاكرة أساس الشخصية 214
29 الخليفة الثاني عمر بن الخطاب 224
30 عثمان بن عفان 230
31 غاية الكلام في الثالثة 233
32 خاتمة 235