وقال الإمام علي (ع): " كان لي من رسول الله (ص) مدخلان: مدخل بالليل، ومدخل بالنهار. فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح ".
كيف بعد كل هذا الحرص على مناجاة علي (ع) وهو لا يزال بين أظهرهم.
كيف يزهد في وجوده، وهو مقبل على الغياب. هل يعقل ذلك عند كل ذي لب، رشيد!.
وما كان ذلك جهلا من ابن خلدون في حفظ الأحداث. ولا غباء منهم في انتقاء الأخبار، إنها حبكة مدبرة ونزعة مستترة. وذلك عندما ذكر أبي بكر في دفن الرسول (ص) فقال:
واختلفوا أيدفن في مسجده أو بيته، فقال أبو بكر: سمعته (ص) يقول:
" ما قبض نبي إلا ويدفن حيث قبض. فرفع فراشه الذي قبض عليه وحفر له تحته (39) ".
وهذه واحدة من كبريات الهناة في مشروع التدليس الخلدوني وقد سبق أن ذكرنا عدم حضور أبو بكر وعمر في تغسيل الرسول (ص) ودفنه وقد جاء في الأخبار ما يسند ذلك.
إذ بينما علي (ع) دائب في جهاز رسول الله، فمضيا - عمر وأبو بكر - مسرعين نحوهم فلقيا أبا عبيدة بن الجراح فتماشوا إليهم ثلاثتهم (40).
وذكر أبو ذئيب الهذيلي: قدمت المدينة ولها ضجيج كضجيج الحاج إذا أهلوا بالإحرام فقلت:
مه؟ قالوا: قبض رسول الله (ص) فجئت إلى المسجد فوجدته خاليا، فأتيت بيت رسول الله (ص) فأصبت بابه مرتجا، وقيل: هو مسجى. وقد خلا به أهله، فقلت: أين الناس؟ فقيل في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار (41).
فكيف تهيأ للوضاعين ومصدقيهم إن أبا بكر الذي سار إلى السقيفة مع فاروقه