تحقيق الأخبار أن يدرك تهدل هذا الخبر، وسذاجة الأسطورة. قال:
وفي أخبارهم إنه لحق بالشام، فلم يزل هنالك حتى مات، وأن الجن قتلته، وينشدون البيتين الشهيرين وهما:
ونحن قتلنا سيد الخزرج * سعد بن عبادة فرميناه بسهمين * فلم نخط فؤاده ويكفي أن نطلع على موقف سعد بن عبادة الذي واجه عمر في السقيفة إلى أن تماسكا، حتى دعاه أبو بكر إلى الرفق. وتمسك سعد بموقفه، إذ لم يبايع حتى مات. وعمر بن الخطاب الذي هم بحرق دار فاطمة، وقتل علي (ع) إن لم يبايع. كيف يزهد في تدبير قتل سعد بن عبادة. وهل الجن هي أيضا ممن يدعوها الاتفاق إلى تخليص الشيخين من أحد أقطاب المعارضة. وكان المؤرخون دائما يعملون على حبك الأخبار المزيفة، حتى ولو اقتضى الحال إكمالها بالأساطير، التي استساغها ولا يزال الذهن العربي.
لقد دعاهم لقتل سعد بن عبادة في جنح الظلام أمرين:
أولا: إن سعدا أبى المبايعة. وقد قال عمر لأبي بكر: لا تدعه حتى يبايع.
فالمعنى من ذلك أنه إذا لم يبايع يجب أن يقتل.
ثانيا: لأن قتله مباشرة قد يحدث نوعا من القلاقل لا طاقة للشيخين بها ذلك أن بشير بن سعد قال لعمر حين قال ما قال:
" إنه قد لج وأبى، وليس بمبايعكم حتى يقتل. وليس بمقتول حتى يقتل معه ولده وأهل بيته وطائفة من عشيرته، فاتركوه فليس تركه بضاركم إنما هو رجل واحد (56) ".
وكان قد بقي على ذلك الموقف حتى ولي عمر بن الخطاب.
دعنا هنا مرة أخرى نستقصي الخبر.. لنعرف من الذي نفذ جريمة القتل في رجل حمل راية الأنصار في فتح مكة.