لرغبات مذهبية جامحة كانت تتحكم في ذهنية بن خلدون وأسلوبه في التأريخ.
تقوم ميزة التاريخ الخلدوني على أساس إبداعه في مجال تطور العمران ونشوء الدول، وما إليها من أمور كان بن خلدون فيها صاحب قصب السبق من بين جموع من المؤرخين وعلماء الاجتماع. وبذلك كان مكتشفا لقوانين تاريخية واجتماعية واقتصادية، كانت أساسا في نشوء مذاهب وتيارات في العصور التي جاءت بعده. إن فلسفة التاريخ وعلم الاجتماع والاقتصاد ونظرية المادية التاريخية. كلها من اكتشافاته الأولى. وهذا ما يجعل ابن خلدون متميزا عن باقي من سبقه أو عاصره في هذه الصناعة.
وما يهمنا هنا هو الجانب التاريخي من اختصاصه. حتى نقف عند أقواله في شأن الإمامة وتاريخ الصراع حول الخلافة ومجموعة وقائع أخرى. لنكتشف عناصر المناصبة فيها. ولنتبين مدى فرادته في هذا المجال. ولنوقف مصداقيته العلمية هذه المرة في محك التاريخ.