ابن خلدون، المؤرخ!
إذا أخذنا ابن خلدون كمؤرخ بعيدا عن ابن خلدون الاجتماعي أو عالم الاقتصاد سنكتشف أنفسنا أمام شخصية أخرى جديدة إنه ابن خلدون الذي لا يختلف عمن سبقه من مؤرخي الخلفاء والمبررين للخلافة. شأنه في ذلك كمن احتضنهم البلاط ووسع عليهم في العطاء.
والذين درسوا ابن خلدون من هذه الزاوية، اكتشفوا ذلك الانفصام في شخصيته، واكتشفوا الأسلوب الآخر الذي كان يعتمده في الكتابة التاريخية، وهو أسلوب موغل جدا في الجمود واللاعقلانية.
يعتقد هاملتون جيب، وهو من دارسي ابن خلدون الكبار أن هذا الأخير ليس إلا مثالا لمن سبقه من الفقهاء المتزمتين. فابن خلدون في نظره " مجرد فقيه مالكي، كان يهدف إلى تبرير واقع الخلافة كما فعل قبله الماوردي والباقلاني والغزالي ".
ويعود ليوقف ابن خلدون في مستواه الحقيقي، ردا عمن رام المبالغة في تصوير استقلاله الفكري. " وإن شئت أن أوضح هذا النقص الذي أشير إليه توضيحا عاما قلت إنه يكمن في الميل إلى المبالغة في تصوير استقلال فكر ابن خلدون، وأصالته وهو ميل ناشئ عن سوء فهم لنظرته وخاصة من حيث علاقتها بالمسائل الدينية (8) ".