فهذا الحديث يحدد أيضا أقدام علي بن أبي طالب داخل دائرة الأمة. ولقد رواه نيفا وعشرين صحابيا. وقال الحافظ الكتاني: هذا الحديث متواتر ولقد تتبع ابن عساكر طرقه في نحو عشرين ورقة (335). وهذا القول قاله النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام عندما خرج إلى غزوة تبوك وكان قد ترك علي في المدينة. ومما يذكر أن حركة النفاق كانت قد نشطت في هذه الفترة فلقد هموا باغتيال الرسول عند عودته من تبوك كما شيدوا مسجدهم الضرار على أمل أن يقوم الرسول بالصلاة فيه بعد عودته في حالة نجاته من القتل. ولكن الله رد كيدهم كما ذكرنا من قبل. ومنزلة هارون من موسى بينها القرآن الكريم في أكثر من موضع.
ومنه قول موسى عليه السلام كما جاء في سورة طه: (واجعل لي وزيرا من أهلي + هارون أخي + أشدد به أزري + وأضرى في أمري + كي نسبحك كثيرا + ونذكرك كثير ا) (336).
ومنزلة علي بن أبي طالب عليه السلام ومواقفه بجانب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أفاضت بها الأحاديث حتى قال ابن عباس: " ما أنزل الله (يا أيها الذين آمنوا) إلا وعلي أميرها وشريفها. ولقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في غير مكان. وما ذكر عليا إلا بخير " (337) وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال: " نزلت في علي ثلاثمائة آية " (338) وقال ابن عباس. (كان لعلي ثمان عشر منقبة ما كانت لأحد من هذه الأمة " (339). وروي أن عمر علي بن أبي طالب يوم أسلم كان إحدى عشر سنة. على أصح ما ورد من الأخبار في إسلامه. وقد قيل ثلاث عشر سنة. وقيل سبع سنين. والثابت إحدى عشرة (340). وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. أخذ عليا من أبيه وهو صغير. في سنة أصابت قريشا وقحط نالهم. وأخذ حمزة جعفرا. وأخذ العباس