الانحرافات الكبرى - سعيد أيوب - الصفحة ٢٩٠
ببعض، يفسد بعضه بفساد بعض آخر، سيما الأركان والأصول، وذلك كمن يصلي لكن لا لوجه الله، أو ينفق لا لمرضاة الله. أو يقاتل لا لإعلاء كلمة الحق، فلا ما بقي في أيديهم نفعهم. إذ كان محرفا فاسدا. ولا ما نسوه من الدين أمكنهم أن يستغنوا عنه. ولا غنى عن الدين ولا سيما أصوله وأركانه.
لقد تاهوا في عالم الأهواء. وفي هذا التيه استقرت أقدامهم عند المسيح الدجال. والمسيح الدجال حذر منه جميع الأنبياء أقوامهم. ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال. " إنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال وإن الله لم يبعث نبيا إلا حذر أمته الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة) (91). لقد حذرت أنبياء بني إسرائيل من المسيح الدجال. ووصفوه لشعب إسرائيل. ومن صفاته عندهم أنه يملك من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض (92) وعندما مارس عزرا والذين من بعده عمليات العبث في التوراة وجدوا أن الأنبياء قد بشروا بمسيح يأتي في المستقبل، وأيضا حذروا من مسيح يأتي في المستقبل فأي مسيح يختاره الذين يعبثون في كتاب الله؟ لقد اختاروا صاحب الأرض بعد أن زاولوا عملية تحريف الكلم عن مواضعه، وضعوا على المسيح الذي معه الأرض والماء والخبز علامات التبشير. وعندما جاءهم المسيح ابن مريم الذي بشر به أنبياء بني إسرائيل. صدوا عن سبيل الله وقالوا إن الموعود لم يجئ بعد، واتهموا نبي الله عيسى بأنه كذاب في ادعائه للنبوة وذلك لأنهم اعتبروا أنه الذي حذرت منه رسلهم! ومارسوا هذا العمل وهذا الصد عن سبيل الله عندما بعث الله رسوله الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد ورد هذا في أثر عن ابن عباس قال: (يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل) أي لم تخلطون الباطل مع الحق في كتابكم. صفة الدجال بصفة محمد (وتكتمون الحق) ولم تكتمون صفة محمد ونعته (وأنتم تعلمون) أي تعلمون ذلك في كتابكم (93).
إن القرآن يشهد بأن التوراة محرفة عمدا، والذي يحرف كتاب الله عمدا

(91) رواه ابن ماجة والحاكم وصححه وأقره الذهبي وغير وهما.
(92) راجع كتابنا عقيدة الدجال.
(93) هامش الدر المنثور 183 / 1 تفسير سورة البقرة
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست