" فلم يلبث أن خرج الرسول يركض إلى الفضل بن يحيى، فركب معه وخرج مدهوشا دهشا، حتى دخل العباس، فدعى العباس السياط وعقلين، فوجه بذلك إليه السندي، فأمر بالفضل فجرد، ثم ضربه مائة سوط، وخرج متغير اللون، بخلاف ما دخل، فذهبت قوته، فجعل يسلم على الناس يمينا وشمالا.
" وكتب مسرور بالخبر إلى الرشيد، فأمر بتسليم موسى إلى السندي بن شاهك، وجلس مجلسا حافلا وقال: أيها الناس، إن الفضل بن يحيى قد عصاني، وخالف طاعتي، ورأيت ألعنه فالعنوه، فلعنه الناس من كل ناحية، حتى ارتج البيت والدار بلعنه، فبلغ يحيى بن خالد الخبر، فركب إلى الرشيد فدخل من غير الباب الذي يدخل منه الناس، حتى جاءه من خلفه، وهو لا يشعر، ثم قال له: التفت إلي يا أمير المؤمنين، فأصغى إليه فزعا، فقال له: إن الفضل حدث، وأنا أكفيك ما تريد، فانطلق وجهه وسر ".
فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، قد غضضت من الفضل بلعنك إياه، فشرفه بإزالة ذلك، فأقبل على الناس فقال: إنه قد بلغني عن الفضل أمر أنكرته، وكان فيه فساد ملكي، ثم تبينت بعد ذلك وقد رجعت إليه وتوليته، فأقبل على الناس فقال: إن الفضل كان قد عصاني في شئ فلعنته، وقد تاب وأناب إلى طاعتي، فتولوه، فقالوا: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، وقد توليناه ".
" ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد، حتى أوفى بغداد، فماج الناس وأرجفوا بكل شئ، وأظهر أنه ورد لتعديل السواد، والنظر في أمر العمال، وتشاغل ببعض ذلك، ودعى بالسندي وأمره فلفه على بساط، وقعد الفراشون النصارى على وجهه، وأمر السندي عند وفاته أن يحضر مولى له، ينزل عند دار العباس بن محمد، في مشرعة القصب ليغسله، ففعل ذلك ".