وأخيرا " أن يكون سليم الحواس و الأعضاء، مما يؤثر فقدانه في الرأي والعمل، ويلحق بذلك العجز عن التصرف، لصغر، أو شر، أو غيرهما.
وهناك شرط خامس - اختلف فيه - هو النسب القرشي.
على أن هناك من الفرق الإسلامية من وصل بهذه الشروط إلى سبعة، ومن وصل بها إلى أربعة عشر شرطا " - كالزيدية مثلا " -.
ولعل مما تجدر الإشارة إليه هنا، أن الإمامة - أو الخلافة الإسلامية - ما كانت تمثل أبدا " نوعا " من أنواع الحكم المعروفة، فما كانت الخلافة الإسلامية ثيوقراطية (دينية) كما أنها لم تكن حكومة أرستقراطية (حكومة الخاصة)، ولا حكومة ديمقراطية (حكومة الشعب).
كانت الإمامة أو الخلافة الإسلامية حكومة شورى، والخليفة فيها حاكم سياسي يجمع بين السلطتين الزمنية والدينية (أو الروحية)، ولا تتعدى وظيفته الدينية المحافظة على الدين، كما يستطيع - باعتباره حامي الدين - أن يعلن الحرب على الكفار، ويعاقب الخارجين على الدين، ويؤم الناس في الصلاة، ويلقي خطبة الجمعة.
هذا إلى أن الخليفة لم يكن يستمد سلطة الحكم من الله تعالى، بل من الذين بايعوه، وقد انقضى نزول الوحي منذ أن اختار الله تعالى رسوله، صلى الله عليه وسلم إليه، وبقي كتاب الله - القرآن الكريم - بين أيدي المسلمين، هدى لهم جميعا "، وحجة عليهم جميعا "، فهو ميثاقهم الذي آمنوا به وارتضوه، وهو دستور الحكم، يسير الحاكم في حدوده لا يتعداه، فإن فعل وجبت طاعته، وإلا فلا طاعة له على مسلم، طبقا " للمبدأ الإسلامي المعروف: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
ويحدثنا تاريخ الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم أن الخليفة إنما كان يحكم بالكتاب والسنة ولا يرجع إلى اجتهاد رأيه، إلا إذا أعوزه الدليل منهما،