وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب أخبار السقيفة عن محمد بن قيس الأسدي عن المعروف بن سويد قال: كنت بالمدينة أيام بويع عثمان، فرأيت رجلا " في المسجد جالسا "، وهو يصفق إحدى يديه على الأخرى - والناس حوله - ويقول: واعجبا " من قريش، واستئثارهم بهذا الأمر، على أهل هذا البيت، معدن الفضل، ونجوم الأرض، ونور البلاد، والله إن فيهم لرجلا " ما رأيت - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم - أولى منه بالحق، ولا أقضى بالعدل، ولا آمر بالمعروف، ولا أنهى عن المنكر، فسألت عنه، فقيل: هذا المقداد، فتقدمت إليه وقلت: أصلحك الله من الرجل الذي تذكر؟ فقال: ابن عم نبيك رسول الله صلى الله عليه وسلم، علي بن أبي طالب.
قال: فلبثت ما شاء الله، ثم إني لقيت أبا ذر، رحمه الله، فحدثته ما قال المقداد، فقال: صدق، قلت: فما يمنعكم أن تجعلوا هذا الأمر فيهم، قال:
أبي ذلك قومهم، قلت: فما يمنعكم أن تعينوهم، قال: مه لا تقل هذا، إياكم والفرقة والاختلاف، قال: فسكت عنه، ثم كان من الأمر ما كان (1).
هذا وقد توفي المقداد بالمدينة في خلافة عثمان، بأرض له بالجرف، وحمل إلى المدينة، وكان عمره سبعين سنة يقول ابن سعد: مات المقداد بالجرف، على ثلاثة أميال من المدينة، فحمل على رقاب الرجال حتى دفن بالمدينة بالبقيع، وصلى عليه عثمان بن عفان، وذلك سنة ثلاث وثلاثين، وكان يوم موته ابن سبعين سنة أو نحوها، وعن شعبة عن الحكم: أن عثمان بن عفان جعل يثني على المقداد بعد ما مات، فقال الزبير:
لا ألفينك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي (2)