عز وجل، فرددته رد مثلي مثله، وأما ما كان مني إليك، فإنك أغضبتني، فأخرج الغضب مني ما لم أرده. فتكلم عثمان، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:
أما ما كان منك إلي فقد وهبته لك، وأما ما كان منك إلى مروان، فقد عفا الله عنك، وأما ما حلفت عليه فأنت البر الصادق، فادن يدك، فأخذ يده فضمها إلى صدره. فلما نهض قالت قريش وبنو أمية: أأنت رجل; جبهك علي، وضرب راحلتك، وقد تفانت وائل في ضرع ناقة، وذبيان وعبس في لطمة فرس، والأوس والخزرج في نسعة، أفتحمل لعلي عليه السلام ما أتاه إليك. فقال مروان: والله لو أردت ذلك ما قدرت عليه.
ويقول ابن أبي الحديد: واعلم أن الذي عليه أكثر أهل السير وعلماء الأخبار والنقل، أن عثمان نفى أبا ذر، أولا " إلى الشام، ثم استقدمه إلى المدينة لما شكا منه معاوية، ثم نفاه من المدينة إلى الربذة، لما عمل بالمدينة نظر ما كان يعمل بالشام.
وأصل هذه الحكاية، أن عثمان لما أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال، واختص زيد بن ثابت بشئ منها، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع: بشر الكافرين بعذاب أليم، ويرفع بذلك صوته، ويتلو قوله تعالى: * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله * فبشرهم بعذاب أليم) *، فرفع ذلك إلى عثمان مرارا "، وهو ساكت.
ثم إنه أرسل إليه مولى من مواليه: أن انته عما بلغني عنك، فقال أبو ذر:
أو ينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله، وعيب من ترك أمر الله تعالى، فوالله لأن أرضي الله بسخط عثمان، أحب إلي من أن أسخط الله برضى عثمان، فأغضب ذلك عثمان وأحفظه، فتصابر وتماسك، إلى أن قال عثمان يوما "، والناس حوله: أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئا " قرضا "، فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار: لا بأس بذلك، فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين، أتعلمنا ديننا؟ فقال