الثقافة الروحية في إنجيل برنابا - محمود علي قراعة - الصفحة ٣٦٢
والكذب في القول واليمين، إذ به يعتقد المخبر الشئ على خلاف ما هو عليه، فيكون جاهلا، وقد يتعلق به ضرر غيره، ويرى الغزالي " أن الكلام وسيلة للمقاصد، فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا، فالكذب فيه حرام، وإن أمكن التوصل إليه بالكذب دون الصدق، فالكذب فيه مباح، إن كان تحصيل ذلك القصد مباحا، وواجب إن كان المقصود واجبا "!
وتذم الغيبة، وهي أن تذكر أخاك بما يكرهه، سواء ذكرته بنقص في بدنه أو نسبه أو خلقه أو فعله أو قوله أو دينه أو دنياه، وهي حرام، لأن فيها تفهيم الغير نقصان شخص معين - حي أو ميت - فالتعريض به كالتصريح، والفعل فيه كالقول والإشارة والإيماء والغمز والكتابة والحركة.
وكذلك يحرم سوء الظن، أي عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء، أما الخواطر والشك وحديث النفس، فيعفى عنها، لأن أسرار القلوب لا يعلمها إلا الله.
والمرخص في ذكر مساوئ الغير، أغراض صحيحة في الشرع لا يمكن التوصل إليها إلا به، وهي ستة أمور: التظلم، والاستعانة على تغيير المنكر، ورد المعاصي إلى منهج الصلاح، والاستفتاء، وتحذير مسلم من الشر، وأن يكون الإنسان معروفا بلقب يعرب عن عيبه، وأن يكون مجاهرا بالفسق.
ويجب على المغتاب أن يتوب، ويندم على ما فعله، ليخرج به من حق الله، ثم يستحل المغتاب (وهو متأسف على ما فعله)، ليحله فيخرج من مظلمته، وسبيله أن يبالغ في الثناء عليه والتودد إليه، ويلازم ذلك حتى يطيب قلبه، وإلا كان اعتذاره حسنة، محسوبة له.
وتذم النميمة وهي إفشاء ستر الغير عما يكره كشفه، سواء كان الكشف بالقول أو بالكتابة أو بالرمز أو بالإيماء، وسواء كان المنقول من الأعمال أو من الأقوال، فإن كان إلى من يخاف جانبه فهي سعاية. ومذموم كلام ذي اللسانين الذي يتردد (نفاقا) بين المتعاديين، ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه فينقل كلام كل منهما إلى الآخر، أو يحسن لكل منهما ما هو عليه من المعاداة
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»