نعم، فلما بطش به صلى الله عليه وآله أضجعه لا يملك من أمره شيئا، ثم قال يا محمد عد، فصرعه أيضا فقال يا محمد: إن ذا العجب.
فقال صلى الله عليه وآله: وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه إن اتقيت الله وتبعت أمري، قال: ما هو؟ قال: أدعو لك هذه الشجرة فدعاها فأقبلت حتى وقفت بين يديه صلى الله عليه وآله فقال لها ارجعي مكانك.
فرجع (ركانه) إلى قومه فقال يا بني عبد مناف ما رأيت أسحر منه ثم أخبرهم بما رأى. (وركانه) هذا كان من الأقوياء والمصارعين المشهورين. ومن صفاته هداية يمينه ذلك أنه رمى يوم (بدر) وكذا يوم (حنين) وجوه الكفار بقبضة تراب فلم يبق مشرك إلا شغل بعينه فانهزموا وتمكن المسلمون منهم قتلا وأسرا. ومن الصفات الجليلة له صلى الله عليه وآله الأمانة والصدق، كما قال النضر بن الحارث لقريش: (قد كان محمد فيكم غلاما حدثا أرضاكم فيكم، وأصدقكم حديثا، وأعظمكم أمانة. حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم قلتم إنه ساحر، لا والله ما هو بساحر) أما كون نبله صلى الله عليه وآله مسنونه لأن أولاد إسماعيل أصحاب النبل في سالف الزمان، غير محتاج إلى بيان، وكان هذا الأمر مرغوبا عنده وكان يقول: (ستفتح عليكم الروم ويكفيكم الله فلا