الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال بتربة أرضنا وريقة بعضنا يشفى بإذن ربنا مريضنا فيسن لكل أحد إذا رقي لمريض أن يأخذ من تراب أرضه ويمزجها بريقه ويسقيه للمريض فإنه يشفى بإذن الله تعالى ولا شك أن التراب والريق من الذوات ولا يعقل لها جاه أو دعاء أو شفاعة وفي الحديث الصحيح ماء زمزم لما شرب له فمن شرب من ماء زمزم لأي نية أرادها من خير دنيا أو آخره حصل له مقصوده كما هو مجرب ولا شك أن ماء زمزم ذات لا يعقل له وجاء ولا دعاء ولا شفاعة وكذا ورد في الصحيح وأطبق عليه فقهاء الأمة أن الملتزم عند باب الكعبة من الصق بطنه به وتوسل به إلى الله لا يخيبه الله كما هو مجرب ولا يخفى أن الملتزم أحجار وهي ذات جعل الله لها هذه الخاصية وكذا تحت الميزاب وعند مقام إبراهيم وتقبيل الحجر الأسود والتمسح به والتوسل به هو ذات محض وهو أرجى الوسايل إلى الله لقبول المثقلين بالذنوب فكيف يكون لهذه الذوات خاصية يحصل بها المقصود للراجي ونحن إذا دعونا الله بجاه ذات نبينا لا يحصل لنا ولا يرضاه لنا أفيقال إن ذات تراب الأرض وريقة البعض وماء زمزم وأحجار الملتزم ومقام إبراهيم أي محل قدمه الأسعد والحجر الأسود جعل فيها الأسباب لجلب المنافع دون ذات نبينا التي خلقت من نوره فما هذه الخرافات من قائلها إلا جهالات ليت صاحبها استحى من الله ومن رسوله ومن الناس من قولها والتفوه بها وقد كان الصحابة الكرام يعظمون ذات نبينا صلى الله عليه وسلم أشد التعظيم كما في حديث عروة بن مسعود الثقفي عند البخاري وغيره لما جاء إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية فرجع إلى قومه فقال أي قومي والله لقد وفدت على كسرى وقيصر والنجاشي فما رأيت أحدا يعظم أحدا ما يعظم أصحاب محمد محمدا أنه لا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم فدلكوا بها وجوههم ولا توضأ وضوءا إلا اقتتلوا على وضوئه يتبركون به ولا يحدون النظر إليه الحديث فانظر كيف تعظيم الصحابة لذاته بل للصادر من ذاته مما هو مستقذر بالنسبة لغير ذاته الشريفة أفيقال إن النخامة وماء الوضوء الذي يجري على أعضائه الشريفة كانت تدعو أو نشفع أو لها جاه بل هي ذات تابعة لأشرف الذوات فانظر إلى هذه الجهالات الصادرة ممن يدعي الكمالات فيجعل ذات نبينا
(٢٧)