كثيرة وفي هذا كفاية وهذا يدلك على أن أهل النار إذا خرجوا بأجسادهم على وجه الأرض ورأهم من رآهم يقضه جهارا فما المانع من ذلك في حق أنبياء الله وأوليائه بقدرة الله تعالى فهذه بعض أحوال أهل القبور من ساير الناس فكيف بالأولياء والأنبياء فإذا علمت أن ساير الموتى أحياء حياة برزخية وأن الموت كما قال جملة من السلف هو نقلة من دار إلى دار وأن الأنبياء والأولياء المنقولين بسيف المجاهدة لله كالشهداء الوارد فيهم النص القرآني في حياتهم الحقيقية كيف يستغرب طلب التسبب منهم والتشفع والتوسل بدعائهم إلى ربهم أو كرامتهم عليه أو شفاعتهم عنده وهو وليهم في الدنيا والآخرة ولهم فيها ما تشتهي أنفسهم ولهم فيها ما يدعون نزلا من غفور رحيم فهل إذا عامل أحد هؤلاء الذين هذا حالهم معاملة الأحياء يلام على ذلك أو يعاب أو يؤثم أو يكفر أو يشرك مع اعتقاده أن الفعل لله وحده خلقا وإيجادا لا شريك له وأنه يكون من أهل القبور من الأنبياء والأولياء تسببا وكسبا فهل ينكر ذلك إلا من جعلهم ترابا وعظاما وترك ما يجب لهم ويسند إليهم إكراما وإعظاما إلا جاهل بالشرع المحمدي فيحنئذ يقال لهذا المتعيلم الجاهل أحسن حالا منك في معرفته بالشرع والمقصود من هذا أن تعلم الأحاديث الواردة في الطلب من الموتى وأجمع عليها العلماء مبنى أمرها على هذا الأصل فإذا جادل في هذه الأشياء بعض الأشقياء بعد إقامة هذه الأدلة فاتركه وشقائه وأحمد الله الذي رزقك الإيمان بما جاء عن سيد الأكوان وسلف أمته المتبعين له بإحسان وقل الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ولنذكر لك بعض الآيات الدالة على طلب الوسيلة قال تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وقال في الآية الأخرى أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب فقد أمر الله تعالى بابتغاء الوسيلة وفسرها تعالى في الآية الأخرى أعني قوله إنهم يبتغون أيهم أقرب فيتوسلون به إلى الله تعالى وهو عام سواء كان التوسل بدعائه كما يقوله الخوارج أو بشفاعته أو بجاهه أو بكرامته أو بذاته ومن منع بالذات فقد افترى فإن التوسل بالذوات قد صرحت به الآيات وقد وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم به الأخبار
(٢٥)