أمرا بأرواح الكمل بعد المفارقة كما ذكر جملة من المفسرين منهم البيضاوي وتبعه على ذلك المحشون والله أعلم (باب اطلاع بعض الأحياء) على حال أهل القبور من نعيم أو عذاب فرآه بعين رأسه أنموذجا لما أخبر الله تعالى ورسوله فرأوا الأجساد منعمه أو معذبه وقد اتفق أهل السنة والجماعة على نعيم القبر وعذابه وأنه حق يجب اعتقاده وأن النعيم والعذاب على الروح والبدن كما ذكر ذلك أهل علم العقايد ولا ينكر ذلك إلا المعتزلة والخوارج ثم ورد في الأحاديث النبوية والآثار الصحابية والسلفية ونحن نذكر ما يقوي اعتقاد بعض الجهال ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم أما الأنبياء فقد قدمنا أنهم أحياء طريون في قبورهم يصلون وورد في الصحيحين أنهم يحجون وأما غيرهم فقد أخرج أبو نعيم عن يوسف بن عطية قال سمعت ثابتا البناني يقول لحميد الطويل هل بلغك أن أحدا يصلي في قبره إلا الأنبياء قال لا قال ثابت اللهم إن أنت أعطيت لأحد أن يصلي في قبره فأذن لثابت أن يصلي في قبره وأخرج أيضا عن جبير قال أنا والله الذي لا إله إلا هو أدخلت ثابتا البناني لحده ومعي حميد الطويل فلما سوينا عليه اللبن سقطة لبنة فإذا أنا به يصلي في قبره وأخرج ابن جرير في تهذيب الآثار وأبو نعيم عن إبراهيم بن الصامت المهلبي قال حدثني الذين كانوا يمرون بالحاصف في الأسحار قالوا كنا إذا مررنا بجنبات قبر ثابت البناني سمعنا قراءة القرآن ومثله في صفة الصفوة لابن الجوزي وأخرج الترمذي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم خبائه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا فيه إنسان يقرء سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي المانعة هي المنجية تنجي من عذاب القبر قال أبو القاسم السعدي في كتاب الروح هذا تصديق من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الميت يقرأ في قبره فإن عبد الله يعني ابن عمر وهو الذي ضرب خباه وسمع أو خبره بذلك وصدقه الرسول صلى الله عليه وسلم قال الحافظ زين الدين بن رجب في كتاب أهوال القبور قد يكرم الله بعض أهل البرزخ بأعماله الصالحة في البرزخ وإن لم يحصل له بذلك ثواب الانقطاع عمله بالموت لكن إنما يبقى عمله عليه ليتنعم بذكر الله وطاعته كما
(٢٢)