المنحة الوهبية في رد الوهابية - الطحطاوي - الصفحة ٢٣
تتنعم بذلك الملائكة وأهل الخير في الجنة لأن نفس الذكر والمناعة أعظم نعيما عند أهلها من جميع نعيم أهل الدنيا ولذتها فما تنعم المتنعمون بمثل ذكر الله تعالى وطاعته ومثل ذلك ذكر ابن القيم في كتاب الروح وابن تيمية وغيرهم والسيوطي في شرح الصدور وروى أبو الحسن بن البراء في كتاب الروضة عن عبد الله بن محمد بن منصور حدثني إبراهيم الحفار قال حفرت قبرا فبدت لبنة فشممت رائحة المسك حين انفتحت اللبنة فإذا شيخ جالس في قبره يقرأ القرآن وأخرج ابن منده عن عاصم السقطي قال حفرنا قبرا ببلخ فنفذ في قبر فنظرت فإذا شيخ في القبر متوجه إلى القبلة وعليه إزار أخضر واخضر ما حوله وفي حجره مصحف وهو يقرأ فيه ثم ذكر آثارا كثيرة مثل ذلك في الكتاب المذكور وأخرج الحافظ أبو محمد الخلال في كتابه كرامات الأولياء بسنده عن أبي يوسف الغسولي قال دخل على إبراهيم بن أدهم بالشام فقال لي لقد رأيت اليوم عجبا قلت وما ذاك قال وقفت على قبر من هذه المقابر فانشق لي عن شيخ خضيب فقال لي يا إبراهيم سل فإن الله أحياني من أجلك قلت ما فعل الله بك قال لقيت الله بعمل قبيح فقال قد غفرت لك بثلاث لقيتني وأنت تحب من أحب ولقيتني وليس في صدرك مثقال ذرة من شراب حرام ولقيتني وأنت خضيب وأنا أستحي من شيبة الخضيب أن أعذبها بالنار قال والتأم القبر على الشيخ قال إبراهيم ويحك يا غسولي عامل الله يرك العجايب وفي صفة الصفوة لابن الجوزي في ترجمة معاذة بسنده إلى أم الأسود بنت زيد العدوية وكانت معاذة قد أرضعتها قالت قالت لي معاذة لما قتل أبو الصهباء وقتل ولدها والله يا بنية ما محبتي للبقاء في الدنيا للذيذ عيش ولا لروح يشم ولكني والله أحب البقاء لأتقرب إلى الله بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الصهباء وولده في الجنة قال محمد بن الحسين وحدثنا روح ابن سلمة الوراق قال سمعت عفيرة العابدة تقول بلغني أن معاذة العدوية لما احتضرت للموت بكت ثم ضحكت فقيل لها ثم البكاء وثم الضحك قالت أما البكاء الذي رأيته فإني والله ذكرت مفارقة الصيام والقيام والذكر فكان البكاء لذلك وأما الضحك فإني نظرت إلى أبي الصهباء وقد أقبل في صحن الدار وعليه حلتان خضراوان وهو في نفر والله ما رأيت لهم في الدنيا شبها فضحكت
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»