وكذلك الطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أو من شهداء وصلحاء أمته إنما هو من نوع الكرامة والتسبب والفاعل الحقيقي في ذلك هو الله تعالى وكرامة الأولياء داخلة في فضايل الأنبياء لأنها بواسطتهم تكون للأولياء بسبب متابعتهم لذلك النبي صلى الله عليه وسلم ومن الآيات القرآنية الدالة على التوسل والتشفع بالمقربين لا سيما سيد المرسلين قوله تعالى وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين اتفق المفسرون وأهل الحديث أنها نزلت في يهود خيبر كانوا قبل وجوده صلى الله عليه وسلم يحاربون أسدا وغطفان من مشركي العرب وكانوا يقولون اللهم بحق هذا النبي الذي تبعثه آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فينصرون فلما جاءهم الرسول ورأوه كفروا به عنادا وحسدا وقال ابن القيم في كتابه بدايع الفوايد أن اليهود كانوا يحاربون جيرانهم من العرب في الجاهلية ويستنصرون عليهم بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل ظهوره فيفتح لهم وينصرون عليهم فلما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم كفروا وجحدوا نبوته فاستفتاحهم به مع جحد نبوته مما لا يجتمعان فإن كان استفتاحهم به لأنه نبي كان جحد نبوته محالا وإن كان جحد نبوته كما يزعمون حقا كان استفتاحهم به باطلا وهذا مما لا جواب لأعدائه عنه البتة انتهى وفي بعض حواشي البيضاوي نقلا عن السعد التفتازاني قال والأظهر أنهم كانوا يطلبون الفتح من الله عليهم متوسلين بذكره صلى الله عليه وسلم ويجعلون اسمه شفيعا انتهى ورأيت للعلامة الورع الزاهد تقي الدين الحصني جعل الله بركات علومه من كل سوء حصني كلاما لطيفا يكتب بماء العيون قال في كتابه المولد النبوي ما نصه وإذا سمع المسلم ما اشتملت عليه أخلاقه الكريمة من حلمه وعفوه واحتماله عرف قدره عند الله فيتوسل به في أموره ومهماته فإنه الشفيع المشفع والحبيب الذي إذا طلب منه شئ استشفاعا به أجيب ولا يمنع وقد أرشدك الله في كتابه العزيز وألهم أصفيائه إلى ذلك بل توسل به أشد الناس عداوة له وللمؤمنين كما هو مذكور في كتابه المبين فأجابهم إظهارا لتعظيم حبيبه سيد الأولين والآخرين قال ابن عباس كانت أهل خيبر تقاتل غطفان كلما التقوا هزمت غطفان اليهود فعاذت اليهود بهذا الدعاء اللهم
(٣١)