ما وجدوا أحدا أحق بالاتباع فاختاروهم على غير هم ولعدم تدوين مذاهب الصحابة والتابعين غير هذه المذاهب الأربعة وأيضا رأوا هؤلاء في العلم والحفظ والإتفان والزهد والورع والتقوى والشفقة على الخلق على جانب عظيم ومن التواضع للخلق والتودد لهم بالخير على حظ جسيم لا جرم اختارهم أهل السنة وما بغوا بهم بديلا فالذي يدعي الاجتهاد بعد هم بلا شك أنه صاحب نفسانية وتكبر وإزراء بالخلق يريد التميز والصيت ولولا ذلك لوسعه ما وسع العلماء الفضلاء أهل العصر المتقدم الذين هم أذن المذهب لهم بما توجه لهم من الدليل وما خرجوا عن إمامهم ومذهبهم وتقليده وما ادعوا أنهم مجتهدون فهذه العبارة التي قالها الإمام لأصحابه من أدل الأدلة أنه ليس لغيرهم ادعاء ذلك خصوصا أهل العصر المتأخر في مثالة القرون وذبالة الآراء وذهاب أكثر قواعد الدين والله الهادي والمعين (قال الإمام الشعراني) إن الله لما من على بالا طلاع على عين الشريعة رأيت المذاهب كلها متصلة بها ورأيت جميع المذاهب التي درست ورأيت أطول الأئمة جدولا الإمام أبا حنيفة ويليه الإمام مالك ويليه الإمام الشافعي ويليه الإمام أحمد بن حنبل وأقصرهم جدولا الإمام داوود يعني الظاهري وقد انقرض في القرن الخامس فأولت ذلك بطول زمن العمل بمذاهبهم وقصره فكما كان مذهب أبي حنيفة أول المذاهب ةالمدونه فكذا لك يكون آخرها انقراضا وبذلك قال أهل الكشف (وأيضا) قال في الميزان إنه رأى بكشفه مراتب المذاهب الأربعة في الجنة حول مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتبين على مراتب أزمانهم فأبو حنيفة أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومالك بعده والشافعي بعد الإمام مالك وأحمد بعد الشافعي رضي الله عنهم فهذا يدل على أنه لو كان المجتهد المطلق له وجود في غيرهم لرأى من طريق الكشف كما رأى الأئمة الأربعة فلهذا اتفق أهل الظاهر والباطن من جميع الأمة على أن لا مجتهد سواهم قال صاحب الدر وقد اتبعه يعني أبا حنيفة كثير من الأولياء الكرام ممن اتصف بثبات المجاهدة وركض في ميدان المشاهدة كإبراهيم بن أدهم وشقيق البلخي ومعروف
(٢٨)