الطبقة الأولى هم الصحابة والثانية فيها أبو حنيفة ومالك والثالثة فيها الشافعي وأحمد بل الشافعي من الثانية لأنه ولد في مائة وخمسين ومات في مأتين وأربعة وكل عمره أربع وخمسون سنة فلا شك أن اجتهاده كان في الخمسين التي هي تمام المأتين وحقق هذا الفاضل أن الاجتهاد انقطع منذ زمان طويل وهو الموافق لما أجمع عليه أهل العلم والفهم كما قدمنا ذلك فقول هؤلاء المدعين إنه ليس في تقليد المذاهب الأربع حديث عدم اهتداء منهم إلى ما في هذه الآيات من الأمر وفي الأحاديث من الإشارة التي هي كالصريحة ويشير إلى ذلك كما قال بن القيم أيضا في قوله تعالى وجعلنا منه أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون فإنها وإن كانت نازلة في بني إسرائيل لكن عمومها بفيد دخول هذه الأمة من باب أولى لأنها أفضل الأمم بنص قوله تعالى كنتم خير أمة أخرجت للناس والقاعدة الأصولية العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب ثم الأئمة وإن كانوا عامين لكن لكونهم الفرد للكامل يخصون من هذا العموم لزيادة فضلهم ولإجماع الأمة خواصا وعواما على الخصوص العلماء من بعدهم على اتباعهم دون غيرهم (وأفاد الفخر الرازي) في تفسيره قوله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر (سورة نساء آية 58) قال رأيت الآية على أن العبرة بإجماع المؤمنين لأنه تعالى قال في أول الآية يا أيها الذين آمنوا ثم قال وأولي الأمر منكم فدل على أن العبرة بإجماع أهل السنة فأما سائر الفرق الذين يشك في إيمانهم فلا عبرة بهم انتهى (أقول) ومراده بسائر الفرق الذين يشك في إيمانهم هم الفرق الضالة عن طريق أهل السنة والجماعة ومنهم الرافضة والخوارج فإن هذه الفرقة المدعية بالاجتهاد المطلق الغالب يكونون من الروافض والزيدية والخوارج ومنهم أي من المدعين المسمون الآن بالوهابية فإنهم يصرحون بهذه المسألة ولا يرضون باتباع المذاهب كما رأيته في كتب بن عبد الوهاب ثم أقول كما لا عبرة بهم في الإجماع لا عبرة بهم في الاجتهاد الذي يدعونه ومن جملة ما يمنع مثل الخوارج من تسليم الاجتهاد لهم أنهم لا يؤمنون بحياة الميت في قبره وأنه لا يسمع ولا يري وأنه تراب وعظام لا يترتب عليه نعيم ولا عذاب ولا يؤمنون بالمعراج النبوي ولا يؤمنون بقدرة الله إلا للحي والحي عندهم هو الفاعل بنفسه
(٢٥)