أشد الجهاد - الشيخ داود الموسوى البغدادى - الصفحة ٢٧
عليه وسلم وسؤالهم عن كل شئ توقفوا فيه من الأدلة هل هذا من قولك يا رسول الله أم لا يقظة ومشافهة بالشروط المعروفة بين أهل الكشف وكذلك كانوا يسئلونه عن كل شئ فهموه من الكتاب والسنة قبل أن يدونوه في كتبهم ويدينوا الله تعالى به انتهى (وقال الشعراني أيضا) ما ثم لنا دليل واضح يرد كلام أهل الكشف أبدا لا عقلا ولا نقلا ولا شرعا لأن الكشف لا يأتي إلا مؤيدا بالشريعة دايما وهو إخبار بالأمر على ما هو عليه في نفسه وهذا هو عين الشريعة انتهى وهذا إنما ذكرته لئلا يقول المنكر لعلوم أهل الله تعالى أنه خلاف الشرع فلا ينهض حجة مع أنا قلنا إن الشريعة مرتبطة بالحقيقة (وفال أيضا) ومما يؤيد ذلك أيضا ما أجمع عليه أهل الكشف من أن المجتهدين هم الذين ورثوا الأنبياء حقيقة في علوم الوحي فكما أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم كذلك وارثه محفوظ من الخطأ في نفس الأمر وإن أخطأ أحد منهم فذلك الخطأ إضافي فقط لعدم اطلاعه على دليل وقد تقدم مثل هذا (فإن قلت) إن أبا حنيفة رضي الله عنه قال لأصحابه إن توجه لكم دليل من الكتاب والسنة فخذوا به وهذا يدل على عدم وجوب تقليدهم (قلت) إن أصحاب الإمام مع كونهم كانوا في زمنهم الصالح في خير القرون المشهود لها بالخيرية كان لهم أهلية الاجتهاد في الجملة لتعلمهم من المذهب وأخذهم لأصوله وفروعه ومع ذلك ما ادعوا لأنفسهم مذهبا غيره بل جعلوا أنفسهم مقلدين لعلمهم بعدم وصولهم إلى درجة إمامهم وأن أمامهم تواضعا قال لهم هذا الكلام ولهذا لما جعل أبو يوسف له مجلسا مستقلا أرسل الإمام له من يسأله عن مسائل إن قال نعم أخطأ وإن قال لا أخطأ فعلم أنه لا قدرة له على الاستقلال فرجع إلى الإمام ولازمه حتى مات ولهذا قال كل من أصحاب أبي حنيفة ما قلنا قولا إلا وهو من قول أبي حنيفة فهم مجتهدون في المذهب لا مجتهدون مطلقا كالإمام بل مرجحون لبعض أقواله على بعض ولهذا يقال لمن يأخذ بأقوالهم حنفي لا يوسفي ولا محمدي ولا زفري والمذاهب رضي الله عنهم ما أوجبوا على الناس تقليدهم ولكن الله تعالى هو الموجب لتقليد أهل الاجتهاد والاستنباط عموما لكن لما نظر الناس من علماء وقتهم وبعدهم إلى يومنا هذا
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»