نهاية المحتاج شرح المنهاج أنه وقف على ثمانية عشر سؤالا سئل عنها الجلال السيوطي من مسائل الخلاف والمنقولة فأجاب عن شطرها بكلام قوم من المتأخرين كالزركشي واعتذر عن الباقي بأن الترجيح لا يقدم عليه إلا جاهل أو فاسق قال فتأملتها فإذا أكثرها من المنقول المفروغ منه فقلت سبحان الله رجل يدعي الاجتهاد وخفي عليه ذلك فأجبت عن ثلاثة عشر منها في مجلس واحد بكلام مبين من كلام المتقدمين (انتهى كلام المناوي) ثم قال وليس حكايتي لذلك من قبيل الفض ولا الطعن عليه بل حذرا من أن يقلده بعض الأغبياء فيما اختاره وجعله مذهبه فيما خالف فيه الأئمة اغترارا بدعواه هذا مع اعتقادي مزيد جلالته وفره ط سعة اطلاعه ورسوخ قدمه وتمكنه في العلوم الشرعية وأما الاجتهاد فدونه خرط القتاد وقد صرح حجة الإسلام الغزالي بخلو عصره عن مجتهد حيث قال في الإحياء وأما من ليس له رتبة الاجتهاد وهو حكم كل العصر أي عصره وهو من أهل الخمسمائة فإنه يفتي به ناقلا عن مذهب صاحبه فلو ظهر له ضعف مذهب له يتركه وقال في الوسيط وأما شروط الاجتهاد المعتبرة في القاضي فقد تعذرت في وقتنا أو في عصرنا (انتهى كلام المناوي ملخصا) ثم إن ابن الصباغ من مقلدي مذهب الشافعي ذكر المؤرخون أنه لما وقعت كائنة التتار في بغداد سنة ستمائة وخمسين وأتلفوا الكتب الكثيرة حتى قيل سد بها الدجلة مبالغة وبنوا منها معالفا للدواب فبعد انقضاء الكائنة ما تأسف العلماء إلا على ذهاب الكتب المشتملة على العلوم فقال بن الصباغ أنا أمليها لكم من حفظي فصار يملي والناس يكتبون إلى أن مات رحمه الله تعالى فهذا العالم هكذا أعطاه الله حفظا وفهما خارقا للعادة وما ادعى الاجتهاد فلو كان ممكنا لادعاه مثل هذا الإمام وقال صاحب البنرازية في زمانه وهو من أهل الثمنمائه فيما أظن في باب الوصية وأين العلم وأين العلماء يعني أنه مفقود قبل زمانه فهذا يدلك أن مدعي الاجتهاد مع هذه الأقوال للعلماء الأجلاء أنه صلف العين شديد الوقاحة لكن كما قال الإمام السيوطي فيما سبق أن الترجيح للوجوه المذهبية لا يقدم عليها إلا جاهل أو فاسق فمن يدعي الاجتهاد في زماننا هذا فهو أجهل الجاهلين وأفسق الفاسقين نسئل الله السلامة من
(٢٢)