أما تتبع الرخص فحرام إجماعا لأنه تلاعب بالدين انتهى كلام الرسالة وشرحها وهو كلام متين وأما أقوال الأئمة الحنفية فقد نقل الشر نبلا لي الحنفي في كتابه العقد الفريد عن ابن الصلاح والسبكي لا يجوز تقليد غير الأئمة الأربعة أي قضاء وإفتاء (ونقل) عن الزاهدي في شرح القدوري (وعن أحمد العيافي) العبرة بما يعتقده السمتفتي من المذاهب الأربعة فكل ما يعتقده من مذهب حل له الأخذ به ديانة ولم يحل له خلافه وعن ابن أمير حاج والذي يقتضيه القواعد كما ذكره شيخنا يعني بن الهمام يلزم التقليد لواحد من الأربعة ولا يلزم سكون نفسه إلا فيما إذا وجد غيره لا فيما لم يجد ثم في غير كتاب من الكتب المذهبية أي الحنفية المعتبرة إن المستفتي إن أمضى قول المفتي لزمه وإلا فلا انتهى كلام العقد الفريد (وأما الأئمة الحنابلة) فقال في الإنصاف ومن زمن طويل عدم المجتهد المطلق مع أنه الآن أيسر من الزمن الأول لأن الحديث والفقه قد دونا لكن الهمم قاصرة والرغبات فاتره فاترة والدنيا غالبة (ونقل ابن القيم) في إعلام الموفقين عن الإمام أحمد بالسند المتصل قال قيل لأحمد إذا حفظ الإنسان مائة ألف حديث أيكون مجتهدا قال لا قيل فمائتي ألف حديث قال لا قيل فثلاث مائة ألف حديث فال لا قيل فاربعمائة ألف حديث قال أرجوا فإذا كان آخر المذاهب الذي بينه وبين أقدم المذاهب نحو مائتي سنة هكذا يقول فكيف يتأتى لمن لا يحفظ ثلاثمائة حديث بأسانيدها أن يكون مجتهدا في هذا الزمان الفاسد بل إن هؤلاء المدعين لم يحفظوا عشرين حديثا بموجب ما تفصحه شقشقاتهم التي أظهروها وبينونها فإنها ليس إلا عبارة عن هذيان بل رأيت مقالات لبعض هؤلاء المدعية الاجتهاد تناقض دعوى الاجتهاد فمن ذلك أنه قد أخذ نقولا كثيرة عن مذاهبنا الأربع وجعلها أصولا لمذهبه فيا ليت شعري أن المجتهد كيف يستأصل أصول غيره بل لا بد له أن يستأصل أصولا غير أصولهم مستنبطة من عنده كما عرفت سابقا فمن هذا يتحقق عندك ما قلناه من عدم الحفظ والتناقض لأنه لو كان حافظا لعرف طريق الاجتهاد فتأمل ذلك واعلم نقل صاحب الإنصاف بعد نقله ما تقدم فقيل لأبي إسحاق ابن شاقلا فأنت تفتي ولا تحفظ هذا القدر فقال
(١٦)